سبب تدهور مادة التربية البدنية في المدارس الخاصة الجزائرية
حسب تعريف منظمة الصحة العالمية، فإن الصحة ليست مجرد انعدام المرض أو العجز؛ إنما هي حالة من اكتمال المعافاة البدنية والعقلية والاجتماعية. وهذا التعريف يدعو للإحاطة بالتلميذ قصد تحقيق نموه الجسدي والعقلي، وضمان مردوده الدراسي ومستقبله المهني.
المدرسة هي أداة للتربية في تحقيق أهدافها، لهذا تسهر مختلف الأطراف على النهوض بالتربية البدنية في المدارس باعتبارها عاملا هاما في الرقي بصحة التلميذ. فهي الجانب المتكامل من التربية الذي يعمل على تنمية الفرد، وتكيفه جسمانيا وعقليا واجتماعيا ووجدانيا؛ عن طريق الأنشطة البدنية المختارة التي تتناسب مع مرحلة النمو؛ والتي تمارس بإشراف قيادة صالحة لتحقيق أسمى القيم الإنسانية، وبذلك فإن تعبير التربية الرياضية أوسع بكثير وأعمق دلالة بالنسبة لحياة الإنسان، من كونه مجرد صحة للبدن أو ثقافة بدنية أو تمرينات وتدريبات بدنية أو ألعاب رياضية، فهو مجال من مجالات التربية الشاملة.
أما الواقع المعاش اليوم في مدارسنا فهو بعيد كل البعد عما ينبغي أن تكون عليه، بعيدا بالمقارنة مع ما يمكن استغلاله من إمكانيات توفرها الدولة من أجل هذا المتعلم الذي هو مصدر اهتمامنا وانشغالنا. لأن المسؤولية أصبحت تباع وتشترى ويدخل في إسنادها اعتبارات لا تليق بالمجتمعات المسلمة، لقد أصبحنا أمام واقع هو الغالب في مجتمعنا؛ مناصب توكل لمن لا تتوفر فيهم ولا ذرة من حبهم للمدرسة، والذين تهافتوا لتحمل مسؤولية قيادة إدارتها، مع غياب للخبرة والكفاءة... أشخاص أسندت إليهم مسؤوليات لاعتبارات عديدة حتى أصبحنا نراهم يأخذون بزمام أمور مدارسنا، وهم معذورون لحد ما لأن أحدهم لم يكن يوما يمارس ولا يزاول مهامّا رياضية، وربّما لم يكن في أيام مضت يهتم بها على الإطلاق، أو ربما أثناء دراسته لم يمارس الرياضة أصلا بسبب رخصة الإعفاء، إلى أن يُطل علينا مهتمًّا من باب التسيير.
فالمدير هو المسؤول الأول عن المدرسة نظاماً ونشاطاً، وهو المكلف بتنفيذ المنهج الدراسي وإعطاء كل مادة نصيبها من الحصص وتنفيذ تعليمات الوزارة في هذا الشأن، من أجل تحقيق هدف معين بدرجة عالية من الكفاءة.. أما إذا كان يحمل نظرة غير إيجابية عن التربية البدنية، ولا يملك أدنى قدرة على تسيير مؤسسة تربوية، أو بالأحرى لا يفقه في أبجدياتها وهو الآمر الناهي لا يرجع إلى أصحاب الاختصاص في المادة، ويحوّلها إلى حصة للعب والترفيه، ويعتمد أساليب تقليدية غير تربوية، رغم أنها مقررة في المنهاج الدراسي، ومعتمدة على أنها مادة تعليمية كسائر المواد الأخرى، فاعلم أنه يشغل المنصب من أجل مصالح شخصية، ولا يهمّه التلاميذ إطلاقا، لهذا إذا أسندت المهام لغير أهلها فانتظر الساعة.
.
التربية البدنية كان ولازال هدفها الأول والأخير هو تحقيق النمو المتكامل للتلاميذ؛ بدنيا وعقليا واجتماعيا عن طريق الاهتمام بالصحة العامة، وتحقيق مستوى اللياقة الحركية عن طريق الأنشطة الرياضية المختلفة التي رسمها أهل الاختصاص.