تلخيص رواية الأيام لطه حسين - تلخيص قصة الأيام لطه حسين
ملخص رواية الأيام لطه حسين
بدأ ذلك الطفل الصغير في استكشاف العالم من حوله .. لم يتجاوز الثالثة من العمر ..
كان محبا للعب والخروج خارج الدار والاستماع إلى الشاعر الذي ينشد الشعر في القرية على الرغم من عدم فهمه لما يقال .. !
وكانت أخته تقطع عليه متعته تلك فتحمله إلى الداخل لتقطر له أمه في عينيه سائلا يؤذيه ولا يجدي عليه خيرا ، وهي تحسب أنها تحسن صنعا ، ثم تحمله إلى حجرة صغيرة لينام فيقضي ليله خائفا مضطربا من الأشباح والعفاريت التي كانوا يخوفون بها ألأطفال حتى يغلبه النوم فينام ..
ومع ذلك يستيقظ مبكرا ينتظر الفجر حتى يتوضأ والده ويصلي ويقرأ ورده ويشرب قهوته ويمضي إلى عمله قيقوم هو للعب !
كان سابع ثلاثة عشر من أبناء أبيه وخامس أحد عشر من أشقته .. كان يحس من أمه رحمة ورأفة ومن أبيه لينا ورفقا ومن إخوته شيئا من الاحتياط في تحدثهم إليه ومعاملتهم له .. ثم تبين سبب هذا كله فقد أحس أن إخوته وأخواته يصفون ما لاعلم له به فعلم أنهم يرون ما لايرى ، فاستحال ذلك إلى حزن صامت عميق .
حدث ذات يوم أن كان يجلس إلى العشاء فأخذ اللقمة بيديه فأما إخوته فأغرقوا في الضحك وأما أمه فأجهشت بالبكاء وقال له أبوه بحزن : ما هكذا تؤخذ اللقمة يابني . وأما هو فلم يعلم كيف قضى ليلته وحرم على نفسه بعد هذه الحادثة طعاما كثيرا وأصبح يحب التستر بأكله دائما !
كان أحب اللعب إليه الاستماع للقصص والأحاديث في قريته فاستمع إلى قصص الغزوات والفتوح وأخبار الأنبياء والصالحين والنساء . وحفظ من جده الأوراد والأدعية كما حفظ القرآن كله في الكتّاب على رجل يسمونه ( سيدنا ) وكان ذلك قبل أن يتم التاسعة من عمره ، فدعاه أبواه شيخا .
لكن حفظه للقرآن لم يدم طويلا فقد نسيه حتى إذا أراد منه أبوه ذات يوم أن يقرأ شيئا من القرآن بحضرة صديقين له فعجز الصبي عن القراءة ووجد في اليوم التالي أن ( سيدنا ) بدأ يعيد له قراءة القرآن ثانية فحفظه في فترة وجيزة ولكنه نسيه مرة أخرى .... وهكذا !
كان له أخ في القاهرة يدرس في الأزهر وكان ينتظر كما يقال له أن يأتي أخوه ليأخذه معه فيدرس في الأزهر ولكن أخاه عاد فدفع إليه ألفية ابن مالك ليحفظه خلال العام وكتاب مجموع المتون ، وبدأ الصبي يحفظ الألفية ليصبح كأخيه تحتفل به الأسرة إذا حضر وتقيم له الولائم ..
وكلف الصبي أن يذهب إلى المحكمة الشرعية ليقرأ على القاضي ما يريد أن يحفظه من الألفية .. وكان والده فرحا وهو يسمعه كل يوم يعيد عليه ما حفظ .. ولكن الصبي لم يلبث أن مل هذا الحفظ وترك الذهاب إلى المحكمة وكان يخدع أباه فيقرأ عليه كل يوم من الأبواب القديمة التي حفظها في بداية عهده بالألفية فيصدقه ويبارك له .. وعندما عاد أخوه اكتشف الأمر فلم يغضب ولم ينذر ولم يخبر أباه وإنما أمر الصبي أن ينقطع عن الكتاب والمحكمة وأحفظه الألفية في عشرة أيام .
كان في قرية الصبي أنماط عديدة من البشر الذين يدّعون المشيخة والعلم في الدين ويؤثرون بأسوأ الأثر على عقول الناس ( لاحظوا أن هذه وجهة نظر الكاتب والله أعلم بحقيقة الأمر ) ، وكان لذلك أثر على الصبي فقد تعلم تجويد القرآن و حفظ ألوانا من أخبار الكرامات والمعجزات وأسرار الصوفية وتعلم السحر وقرأ كتبه فأعجب بها وقلد ما كتب فيها !! فكان الصبي المسكين يتصوف ويتكلف السحر وهو واثق بأنه سيرضي الله سبحانه وتعالى .
كان للصبي أخت صغرى في الرابعة من عمرها خفيفة الروح طلقة الوجه فصيحة اللسان مرضت في عيد الأضحى والناس من حولها في شغل عنها فأهملت حتى اشتد عليها داؤها فماتت لايعرف أحد ما علتها تلك وكيف أودت بحياتها ..
ولم يكن ذلك هو الخطب الوحيد الذي ألم بالعائلة بل إن داء الكوليرا اختطف من بينهم ابنا في الثامنة عشرة .. جميل ورائع وذكي ظفر بشهادة البكالوريا وانتسب إلى مدرسة الطب .
"ستذهب إلى القاهرة مع أخيك لتطلب العلم حتى أراك من علماء الأزهر تلتف حولك حلقة واسعة من الطلاب " هكذا قال الشيخ لابنه قبل سفره إلى القاهرة .. وسافر الصبي .. فكيف عاش في القاهرة ؟؟
سكن بيتا غريبا ذا طريق غريبة : غرفة أشبه بالدهليز فيها المرافق المادية للبيت ثم غرفة أخرى فيها المرافق العقلية .. غرفة النوم والطعام والحديث والسمر والقراءة والدرس ، فيها الكتب وأدوات الشاي وبعض الطعام .
كان يشعر بالغربة لأنه لايعرف هذه الغرفة ولايعرف أثاثها كما في بيته في القرية ومع ذلك أحب المكوث لأنه يعلم أنه إنما جاء ليلقي نفسه في بحر العلم فيشرب منه ما شاء الله له أن يشرب ..
وفي الأزهر كان يمشي سعيدا يخفف خطوه على هذه الحصر البالية التي تنفرج أحيانا عما تحتها من الرض كأنما تريد أن تتيح لأقدام الساعين عليها شيئا من البركة !!!!!
وبدأ يدرس .. الحديث والنحو والفقه في عامه الأول .
ولكنه عاش مع أخيه حياة لم تكن تخلو من عذاب ، فبعد عوته من درسي الفجر والصبح كان أخوه وأصحابه يتناولون إفطارهم كل يوم فلايقدر على مجاراتهم في أكلهم أو في حديثهم ...... ثم يذهب به أخوه لدرس الظهر ثم يعود به إلى مكانه في الغرفة قبيل العصر بقليل ثم ينصرف عنه إلى أصحابه فينفقون وقتا طويلا أو قصيرا في شيء من الراحة والدعابة والتندر بالشيوخ والطلاب ... ويبقى هو وحيدا في تلك الغرفة حتى يؤذن المغرب فيذهب أخوه إلى درسه ويتركه وحده أيضا يقضي هذا الوقت من نهاره وليله لايعرف النوم ولايعرف السلوى وإنما يعرف عذاب الوحدة والخوف .
أقبل اليوم المشهود وسيذهب الصبي بعد درس الفقه إلى الامتحان في حفظ القرآن لينتسب إلى الأزهر رسميا ، وهناك .. دعاه أحد الممتحنين بقوله : " أقبل يا أعمى " ! ثم صرفه بقوله : " انصرف يا أعمى فتح الله عليك " ونجح في الامتحان لكن طريقة الممتحن في استدعائه وصرفه تركت أبلغ الأثر في نفسه .
أذن الله لوحدته أن تنتهي بوصول ابن خالته الذي كان رفيقه في القرية ليتعلم هو أيضا في الأزهر ، فكانا يلهوان معا ويقرآن معا ، ومضت الأيام وأقبلت الإجازة .. وسافر الصبي إلى قريته فأنكر على أهل قريته التوسل بالأنبياء والأولياء وكثيرا من المعتقدات التي كان الناس يؤمنون بها ولايقبلون بديلا فاشتهر في القرية !
ثم عاد إلى القاهرة واطردت حياته في ذلك العام متشابهة لاجديد فيها إلا ماكان يفيده من العلم كلما أمعن في الدرس ، وكان يجادل الشيوخ كثيرا ويناقشهم في كل ما يقولونه ولا يتقبل أية كلمة ما لم يكن مقتنعا بها تماما ، ثم بدأ يميل لدرس الأدب فحفظ مع أخيه معلقة امريء القيس وطرفة وعشرة مقامات من مقامات الحريري وبعض خطب الإمام علي من كتاب نهج البلاغة وبعض مقامات الهمذاني والكثير من ديوان الحماسة ..
وبدأ يحضر درسا لقراءة المفصل للزمخشري في النحو على يد الشيخ المرصفي فأحب شيخه هذا وكلف به ولزمه منذ ذلك الوقت يحفظ كلامه ويعي رأيه ويؤثر درسه على غيره واختصه الشيخ بمودته مع اثنين من زملائه الذين توطدت علاقته بهما .
ضاقت نفوس هؤلاء الفتية بالأزهر فزادها الشيخ ضيقا ، وكانت نفوسهم شيقة إلى الحرية فحط الشيخ عنها القيود والأغلال .. وما زالوا يتحدثون بالسوء عن الأزهر وشيوخه حتى نزل بهم العقاب فمحيت اسماؤهم من الأزهر ... لكنهم أعادوهم مرة أخرى .
ومرت السنوات والفتى يذهب إلى الأزهر حزينا ويعود حزينا لشدة الملل الذي اعتراه منه .. حتى أنشئت الجامعة فأقبل عليها وانتسب إليها فوجد للحياة طعما جديدا ، وأصبح لايذهب إلى الأزهر إلا مرة في الأسبوع أو الأسبوعين ..
واتصل الفتى بالجريدة ومديرها الأستاذ لطفي السيد وبالشيخ عبد العزيز جاويش وأخذ يجرب نفسه في الكتابة فعرف بطول اللسان والنقد اللاذع ، وكان ينقد الأزهر ويغلو في العبث بالشيوخ ، ومضت الأيام وتتابعت وحان وقت امتحان الأزهر لينال درجة العالمية فاستعد وحفظ ، ولكن الشيخ المرصفي أخبره أن القوم يأتمرون به ليسقطوه ...... وبالفعل سقط قبل أن يتم الامتحان !!
أصدرت الجامعة قرارا بعدم الإذن بالدخول إلا لمن قدموا بطاقات الانتساب وذلك لكثرة أعداد الحاضرين لسماع الدروس فيها ، وأقبل الفتى ومعه خادمه فسمحوا له بالدخول ولكنهم لم يسمحوا للخادم ! فذهب بعض الطلاب إلى السكرتير العام فلم يزد على أن قال :" النظام هو النظام " ،،،،،، وقد ذكر الفتى بعد سنين قصته هذه وقصته في الأزهر وقصته حين دخل غرفة الدرس لأول مرة في جامعة مونبلييه فسمع الستاذ يقول لزميله : أيكون زميلك مكفوفا ؟؟ وذلك لنه لم يرفع قلنسوته عند دخوله للدرس .
تعلم الفتى الفرنسية ولكنه لم يتقنها .ز وفي تلك الأثناء قرأ في الصحف إعلانا من الجامعة عن بعثتين لفرنسا فكتب إلى رئيس الجامعة أحمد فؤاد يطلب أن يكون أحد المسافرين إلى فرنسا في بعثة درس التاريخ .. وبعد أخذ ورد ورفض وقبول اشترطت عليه الجامعة أن يحصل على درجة الدكتوراه أولا .
أقبل الفتى على الدرس وساعده صديق له بقراءة آثار أبي العلاء المعري حتى بدأ في إملاء الرسالة وصديقه يكتب ثم قدمها إلى الجامعة وامتحن فيها فاستحق الدرجة وسافر إلى فرنسا .. وكان أول طالب يحصل على الدكتوراه في الجامعة .
بدأ في فرنسا بتعلم اللغة اللاتينية وإتقان الفرنسية وتعلم الكتابة البارزة وأحسنها ، وفي تلك المدينة التقى بالفتاة التي أحبها ، حيث كانت تقرأ عليه شيئا من شعر راسين ، وبعد مدة ليست بالقصيرة أعلمها بأنه يحبها ، ولبثت الفتاة مدة أيضا ليست قصيرة حتى أعلمته بأنها موافقة على الاقتران به بعد تردد شديد .. فبدأ حياته من جديد بالأمل .
كانت تحدثه عن الناس وعن الطبيعة والشمس والجبال والجليد والشجر حتى رأى الدنيا بعينيها ، وقد قضيا فترة الخطوبة بالدرس فأول النهار درس اللاتينية ثم الترجمة الفرنسية لمقدمة ابن خلدون ثم تاريخ اليونان والرومان ثم الأدب الفرنسي حتى ينقضي النهار ويأوي كل منهما إلى فراشه لينام حتى نال درجة الليسانس فأعد رسالة الدكتوراه عن فلسفة ابن خلدون الاجتماعية ومن ثم تزوج وبعد الزواج تقدم للامتحان ونجح ونال درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الممتازة .
وبعد ايام قليلة بدأ في إعداد رسالته ليظفر بدبلوم الدراسات العليا في التاريخ وبدأ في تعلم لغة جديدة هي اللغة اليونانية .. وفي تلك الأثناء جاءت ابنته أمينة .
وبعد أن ظفر بالدبلوم عاد إلى مصر ومعه زوجته وابنته وقد اضطر أن يستدين ليستطيع السفر ويتمكن من إنشاء بيت يعيش فيه مع زوجته .
وبدأ يلقي دروسه في الجامعة وكانت زوجته تساعده حيث جسمت له تضاريس اليونان على ورقة يتلمسها حتى لايكون درسه عن تاريخ اليونان ناقصا .
واستمرت حياته على ما هي عليه وشارك بعض الشيء في السياسة التي كانت مضطربة في تلك الأيام ، فقد كان يعرف نفسه حين يشقى في سبيل الحق وينكرها إذا داجى أو صانع ، وكان شعاره الذي يبادي به من يخاصمه كما كان يبادي به من يغريه قول أبي نواس :