بحث شامل : شيوخ الطريقة الشابية
أحمد بن مخلوف – محمد الكبير- الشيخ عرفة , محمد المسعود من الكتب المؤلفة في التصوف كتاب ; الفتح المنير في التعريف بالطريقة الشابية وما يربى بها الفقير ; ألفه الشيخ ( الثاني) من شيوخ الطريقة الشابيية المتوفى سنة 1029 هـ وفي هذا الكتاب الذي لم يطبع بيانات غزيرة الفائدة عن الطريقة الشابية نقتطف منها ما يصلح للتعريف بهؤلاء الشيوخ . والكتاب مقسم إلى أبواب الأول في الولاية والثاني في التعريف بنسب الشيخ أحمد بن مخلوف وكيف ابتدأ أمره والثالث في استخلافه لولده والرابع في مبنى طريقتهم وسدادها والخامس في كلامهم عن الحقائق والسادس في أورادهم التي أمروا التلميذ والسابع في الوظائف والأحزاب وبهذا يتم الكتاب.
وفي الباب الثاني يأتي المؤلف بنسب الشيخ ويصل به إلى عبد الله بن مسعود صاحب الرسول الأعظم.
نشأ السيخ الأكبر أحمد بن مخلوف الشــابي ببلد الشابة ومنها انتقل إلى مدينة تونس بنية طلب العلم في زمن الشيخ الرصاع قاضي قضاة تونس ومكث في دراسة طلب العلم أعواما وتذكر المناقب ; الفتح المنير; أن الشيخ أحمد بن مخلوف كان يتردد بالزيارة إلى الولي أحمد بن عروس في حياته ودخل عليه مرة فوجد في بيته رجالا ونساءا بمحضره قال الشيخ أحمد بن مخلوف ; فتغيرت في نفسي وقلت هذا منكر ; وفي نازلة أخرى اعتدى الشيخ أحمد بن مخلوف على عون للسطان ولما عرف السلطان أن الاعتداء صار من أحد أتباع الشيخ بن عروس تغير الشيخ على تلميذه الذي هو بن مخلوف الشابي فقال له يا ولدي حلفت ان الذي فعل هذا لا يعاشرني فخرج التلميذ أحمد بن مخلوف إلى الساحل ليلتحق بشيخ آخر من الصوفية فوجد بقصور الســـاف سيدي علي المحجوب وكان زاهذا سالكا بالمريدين فجلس لمجلسه وأقام في خدمته عنده فأستخدمه الشيخ وكلفه بغراسة الأشجار بجنته واستمر يعمل لذلك الى أن أثمر غرسه وهنا بدأت الكرامات في الظهور وتم له الفتح ويشير عليه شيخه سيدي علي المحجوب بالذهاب إلى القيروان وأذن له في العهد وقال له شيخك يأتيك إلى القيروان فأنتقل الشيخ أحمد بن مخلوف إلى القيروان وأقام بجامع الـــــــــدواز وكان فقيرا يتجرد ظاهرا وباطنا ثم صار إماما في هذا الجامع ثم مؤدبا بمكتب قريب منه ثم تزوج (أم العز) فأنجب ستة من الذكور وهم محمد الكبير والشيخ عرفة وأبو الفضل وأبو الطيب وأبو الكرم ( أبو بكر) وأبو السعود وآخر لم يذكر اسمه والأخيرة سماها أم العز وتوفيت زوحته فأطلقوا إسم والدتها عليها ولم يتزوج بعدها ويقول أولادي إلى آخر الزمان تكون عندهم الدنيا وأخاف عليهم من الفتنة.
وقيل للشيخ الناس يسبونك فقال على أي شيء ؟ فما زدت شيئا أسب من أجله فالكتاب كتاب الله والسنة سنة رسول الله والطريق للجنيد والواهب سيدي عبد الوهاب الهندي والمصافحة سيدي علي المحجوب وحزب البحر للشاذلي والوظيفة ليحي بن عقيبة الا أعوذ بكلمات الله التامات . وتوفي سنة 887 هـ 1182 م وكانت ولادته سنة 803 هـ 1100 م ودفن بضريح الشيخ سيدي عبد الله بن أبي زيد بالقيروان.
ومنه توارث أبناؤه وأحفاده المشيخة فانتصب بعده ابنه محمد الكبير وتوفي بعده بثلاثة أعوام 890 هـ وتولى بعده أخوه الشيخ سيدي عرفة المعرف بقبة ضريحه خارج سور مدينة القيروان
أما شخصية الشيخ عرفة فإنك تجد شيئا عنها في كتاب المؤنس ص 152 طبعة تونس وقد حاول أن يكون الملك بيده وفي أعقابه وأن يؤسس دولة كإحدى الدولتين أو الموحدية إلا أن الظروف كانت عليه أشد مما كان يظنه فإن البلاد التونسية
فإن البلاد التونسية كانت في عاصفة انقلاب لم يسبق له نظير وهي انحلال دولة بني حفص والاحتلال الاسباني والهجوم العثماني الذي تغلب عليهما وشرد أعوان الأسبان من الأعراب والشابية من أعراب بني هلال ( الشابية لا ينتسبون لبني هلال بل إلى الهذليين ) وكان سكان المدن يناصرون الترك بينما كان سكان البوادي من الأعراب يريدون أن تبقى تلك المدن نهبا لهم من حين إلى حين.
وتوفي الشيخ عرفة سنة 919 هـ 1512 م وقلوب سكان مدينة القيروان نافرة عنه وقد إستنجدوا بالقائد درغوث باشا وهو بمدينة طرابلس فلما أنجدهم سلموا إليه المدينة وانحرفوا عن ابي الطيب الشابي شقيق الشيخ عرفة المنتصب للزعامة بعد وفاة أخيه فقتله درغوث باشا وفرت أشياعه وقبيلته من القيروان وسكنوا البادية.
وأحفاد عبد الصمد الشابي نزلوا بقفصة وهم المعروفون بالأجريين ومنهم من نزل بجبال ورغة من ولاية الكاف وأحفاد محمد المسعود نزلوا بضاحية توزر وكانت لمحمد المسعود زاوية بجبل أوراس قرب خنشلة وبها توفي ودفن فيها .
ومن الشابيين من نزل عنابة وسوق هراس وخنشلة . قال المسعودي في الخلاصة النقية ; وأوقع حمودة باشا سنة 1631 م بالشيخ عبد الصمد الشابي وانتزع دريد من يده ; ونهب الناس منازل الشابيين إثر هروبهم. وقد عثرنا على وثيقة محررة بالشهادة العادلة من بين الرسوم المحفوظة في المكتبة العتيقة بجامع عقبة بالقيروان تنص على اجراءات كانت صادرة من قائد محلة الترك ( محلة درغوث باشا) في مثل هذا الشأن وموضوع الوثيقة لم تتعرض كتب التاريخ إليه.
وهكذا أمعن جنود الترك في مطاردة الشابيين وقتلوا منهم الزعيم محمد بنور والد الشيخ محمد المسعود ; مؤلف كتاب الفتح المنير المتوفى سنة 1029 هـ ) وشردوهم خارج حدود البلاد من الجهة الغربية وبعد أمد مديد دخلوا بلاد الجريد واستقروا بضاحية مدينة توزر حيث هم الآن يعيشون في سلامة وأمن ونزعتهم تحولت إلى العمل الصالح واشتهر منهم الكثير بالنبوغ في العلم والأدب نخص بالذكر منهم الشاعر الملهم المرحوم أبا القاسم الشابي ومن الغريب أن نلمس في شعره النزعة الصوفية وأناشيد الحرية وهما من خصائص آبائه وأجداده الشابيين تحلى بهما شعره وأخيرا نجد في الديباج ص 197 في ترجمة عمربن محمد الكماد المتوفى سنة 960 هـ 1552 م المعروف بالوزان القسنطيني أنه قد الف كتابا في الرد على الطريقة الشابية وهو من الكتب المفقودة فيما يظهر