فلسفة التّقييم المستمرّ في المدرسة العلميّة الجديدة
يُعدّ التّقييم في أبسط مفاهيمه: "إصدارا للحكم على شيء مُعيّن "، ومادام أنّه كذلك فلابدّ أن يكون مستمرًّا لكي يكون الحكم سليماً، وهذا التّوجّه يتّفق مع ما ينادي به المشتغلون بالتّربية؛ حيث إنّ الاستمراريّة أساس من الأسس الّتي يقوم عليها التّقييم الصّحيح والموضوعيّ الذي سيكون مسهلاً لعملية التَّقويم وتحسين الأداء.
من هذا المنطلق جاءت فكرة التّقييم المستمرّ لتعالج مشكلة الرّهبة الّتي تنتاب التّلاميذ وأولياءهم جرّاء الاختبارات التّحصيليّة الّتي تُجرى نهاية كلّ فصلٍ دراسيٍّ، وتتمّ هذه العمليّة التّقييميّة بأسلوبٍ تربويٍّ وعمليٍّ يربط المتعلِّم بالمقرَّر طوال الفصل الدّراسيّ، ويركّز على المهارات كأدوات للتّعلُّم، مع الأخذ بعين الاعتبار مناسبة التّقييم للمرحلة العُمُريّة للمتعلّم.
والهدف الحقيقي من خلال هذه التّقييمات المستمرة هو الحصول على دِقَّة الإحصائيات، وعلى صورة واضحة للمستوى الفعليّ لكلّ تلميذ، وتحسينه طيلة السنة الدراسية وليس في يوم الامتحان أو التَّصحيح فقط.
ومن المؤكّد أن هذه التقييمات والمتابعات المستمرة ستُستعمل في تقويم الأداء العلميّ والتربويّ والأخلاقي للمتعلّم دورياً، ومعالجة انحرافه عن الأهداف المسطّرة بعد تحليل النتائج وفق النموذج الـدِّيناميكي (الحركي) عبر التّدفق الزّمني ؛ الذي ستساعد مخرجاته على توضيح الصورة النهائية للمستوى الحقيقي للتلميذ، وكذا استعمالها كقاعدة معلومات لرفع مردودية نتائجه باستمرار بعد اتخاذ التدابير العلاجيَّة اللاَّزمة، وليس في زمن ثابت (ستاتيكي) كيوم الامتحان؛ الذي يخالطه الخوف والاضطراب النفسي، وبالتالي فالبيانات التي ترتبط بهذا النوع من التقييم ستتميز بهامش خطأ معتبر نتيجة تدخُّل متغيرات خارجيَّة عِدّة، والذي سيؤدي بدوره إلى تباين المستوى الفعلي للمتعلم قبل وأثناء الاختبار، وبالتالي صعوبة تقويم الانحرافات بعد الاختبارات النهائية، على عكس بيانات التقييم المستمر، التي تكون أكثر دقة وملاءمة للتقويم وتحسين المردودية ومراقبتها باستمرار.
ونظراً لما لهذا التّقييم من سماتٍ جيّدةٍ، ولضمان الحصول على مُخرجات نوعيّة فإنّ المدرسة تعمل جاهدة من أجل توفير الشّروط اللاّزمة لتنفيذه، وذلك من خلال تهيئة البيئة التّربويّة الملائمة لتطبيقه، والمتمثّلة في التّأهيل العلميّ المستمرّ للفريق التّربويّ بالتّكوين المتواصل، وكذا تهيئة الأسرة بوضع برنامج تكوينيٍّ خاصٍّ، باعتبارها شريكاً رئيساً في العمليّة التّربويّة والتّعليميّة.
ويستعمل المعلّمون في المدرسة العلميّة الجديدة أدواتٍ متنوّعةٍ في عمليّة التّقييم المستمرّ، تتراوح بين الفروض الأسبوعيّة والشّهريّة، وكذا تكثيف الأنشطة والواجبات للتّلاميذ الّذين لم يتقنوا بعض المهارات كتدابير علاجية للانحراف عن الأهداف بعد استعمال قاعدة بيانات التقييم المستمر.
يُضاف إلى كلّ هذا الاختبار الشّهريُّ الّذي يُجرى نهاية كلّ شهر في كلٍّ من مادّة اللّغة العربيّة وأنشطتها والرّياضيات والفرنسيّة، وبهذا ستحصل المدرسة العلميَّة الجديدة على صورة دقيقة ومحسنة باستمرار لمستوى المتعلِّمين.
ولم يغفل نظام التّقييم المستمرّ في المدرسة متابعة التّلاميذ فيما يخصّ جانب الانضباط، والمتعلّق أساسا بإنجاز الواجبات، وإحضار الأدوات المدرسيّة، وكذا استعمال الكرّاس والحرص على الهندام.
• وفيما يلي مخطّط التّقييم المستمرّ الّذي تمّ تبنّيه في المدرسة العلميّة الجديدة:
التّقييم المستمرّ في الطّور الأوّل (السّنة الأولى، الثّانية والثّالثة):
1. المتابعة المستمرّة (الواجبات، الأدوات، الكرّاس، الهندام).
2. الفروض الأسبوعيّة للموادّ البنائيّة (عربيّة، رياضيات، فرنسيّة).
3. الفروض الشّهريّة (لبقيّة الموادّ التّعليميّة).
+ الاختبار الشّهريّ.
التّقييم المستمرّ في الطّور الثّاني (السّنة الرّابعة والخامسة):
1. المتابعة المستمرّة (الواجبات، الأدوات، الكرّاس).
2. الفروض الأسبوعيّة للموادّ البنائيّة (عربيّة، رياضيات، فرنسيّة).
3. الفروض الشّهريّة (لبقيّة الموادّ التّعليميّة).
+ الاختبار الشّهريّ.
وبما أن المدرسة العلمية الجديدة جزءٌ لا يتجزأ من المنظومة المعرفيّة الرّشيدة وغايتها رضوان الله تعالى، يتوجب علينا نشر تجاربها وتعميمها على نطاق واسع، لكي تعم الفائدة كل العاملين في مجال التربيّة والتّعليم. وهذا ما نصبو إليه من خلال هذا .التقرير، ونحن في أمسِ الحاجة الى هذه النماذج التربويَّة كي نلحق بركب التطور العلمي والتّربوي وتحقيق الأهداف النبيلة وخلق جيل قادر على النهوض بفكر أمتنا والتمكين لدين الله,
أ. منير عاشور، مسؤول الإعلام بالمدرسة العلمية الجديدة