اسحاق نيوتن : بحث جاهز معمق عن سحاق نيوتن
اسحاق نيوتن
بحث عن اسحاق نيوتن
اسحاق نيوتن
ولد اسحاق نيوتن بتاريخ 25 ديسمبر 1642 بعد بضعة اشهر من موت والده. وكانت عائلته تنتمي الى طبقة الملاّك الزراعيين الصغار. ويبدو ان صحته كانت ضعيفة او هشة منذ البداية، ثم تزوجت امه بعد ثلاثة أعوام من ولادته.
وعندئذ اودعته عند جدته وعمه حيث عاش فترة صباه وشبابه الاول ولكن يعتبر بمعنى من المعاني انه يتيم الاب والأم لانه لم يعش مع ابيه ساعة واحدة وأما أمه فتركته في سن الثالثة لكي تفكر في مستقبلها وحياتها الجديدة. ويبدو انه تأثر عاطفيا بهذه الحالة، وكان يشعر بالحقد على امه وعلى زوج امه الذي اخذ امه منه وحرمه عطفها وحنانها.. وربما لهذا السبب لم يتزوج ابدا على الرغم من انه عرف الكثير من النساء. فقد ظل مجروحا من الداخل بشكل لا يندمل.
ولكن امه عادت الى البيت العائلي وبالتالي اليه عام 1653 بعد موت زوجها وكان عمر اسحاق آنئذ احد عشر عاما. وهكذا اتيح له ان يتعرف عليها من جديد ثم ارادت ان تجعل منه مزارعا ولكنه رفض ذلك.
ويردف المؤلف قائلا:
في الواقع ان الكثير من الاقارب والاصدقاء شجعوه على اكمال دراساته الجامعية بعد ان توسموا فيه أمارات الذكاء والموهبة. وفي عام 1661 دخل الى كلية كمبردج الشهيرة التي طالما خرجت العباقرة. وهناك تعلم البلاغة الكلاسيكية، ومنطق ارسطو، وتأثر بأفكار فلاسفة كمبردج وكانوا في معظمهم من اتباع الفلسفة الافلاطونية الجديدة.
ولكن وباء الطاعون ادى الى اغلاق الجامعة كما يقول المؤلف وعندئذ عاد اسحاق الى قريته الريفية لكي يتأمل ويفكر في وسط الطبيعة الخلابة للريف الانجليزي.
وفي عام 1667 انتخب نيوتن عضوا في الهيئة التدريسية لكلية كمبردج، وعين استاذا جامعيا عام 1669 وعمره لا يتجاوز السادسة والعشرين. وفي عام 1672 اصبح عضوا في الجمعية الملكية البريطانية. وهو منصب علمي عالي المستوى وتشريف كبير لصاحبه.
ويقول لنا المؤلف بأن اسحاق نيوتن راح يتعاطى المراسلات من كبار علماء عصره سواء داخل بريطانيا ام خارجها، وقد انتخبته اكاديمية العلوم في باريس كعضو اجنبي فيها عام 1699 ثم اصبح رئيسا للجمعية الملكية البريطانية في عام 1703 وحتى موته. وبلغ عندئذ ذروة المجد والشهرة بل ان ملكة بريطانيا منحته لقب النبلاء عام 1705.
وفي اواخر حياته انخرط في مناظرات لاهوتية وفلسفية عنيفة مع بعض كبار الفلاسفة والمفكرين وأشهر هذه المناظرات الخلافية جرت مع الفيلسوف الالماني الكبير لايبنتز. فكل منهما راح يدعي انه سبق الآخر الى اكتشاف علمي كبير: هو حساب اللامتناهي الصغر.
ولا يزال العلماء يتناقشون في هذه المسألة حتى الآن. فالبعض يعطي الحق لنيوتن والبعض يقول بأن لايبنتز كان على صواب.. والله اعلم.
ويرى المؤلف ان السنوات المبدعة التي شهدت تفتح عبقرية نيوتن هو تلك التي تتموضع في اواسط الستينيات وبخاصة سنة 1666.
في الواقع ان اكتشافاته العلمية لمعت في رأسه لاول مرة خلال السنتين المتتاليتين: 1665 ـ 1666 ومعلوم انه كان آنذاك معتكفا في الريف خوفا من وباء الطاعون.
وكان يعيش وحدة شبه كاملة، ويكرس كل وقته للتأمل في ظواهر الطبيعة وقوانينها. عندئذ حصلت القصة الشهيرة التي تحولت الى اسطورة بعدئذ. وهي التي ادت الى اكتشاف قانون الجاذبية.
فيقال انه كان غارقا في التأمل يوما ما وهو نائم تحت شجرة تفاح. وفجأة سقطت تفاحة الى جانبه فعرف عندئذ ان السقوط ناتج عن قانون الجاذبية الذي يشد الاشياء الى تحت.
كل اكتشافاته في مجال الرياضيات والبصريات والفلك حصلت بعدئذ على التوالي عندئذ فهم نيوتن سر الكون لاول مرة وعرف القوانين العلمية التي تتحكم به ولا يحيد عنها قيد شعرة.
وهكذا قدمت انجلترا للعالم اكبر عبقري في مجال العلوم الفيزيائية والرياضية والفلكية ليس غريبا اذن ان تكون قد تفوقت على جميع الامم الاوروبية الاخرى بما فيها فرنسا، منافستها التاريخية على العظمة والمجد.
في الواقع ان البلدان التي تنتمي الى المذهب الكاثوليكي في المسيحية: اي اسبانيا، وايطاليا وفرنسا كانت تخنق الروح العلمية بسبب التعصب الديني السائد فيها. اما البلدان البروتستانتية كانجلترا، وهولندا، وألمانيا فكانت خالية تقريبا من التعصب الديني. وبالتالي فكانت تترك للعلماء حرية البحث واكتشاف قوانين الطبيعة والكون ولا تعتبر ذلك تحديا لقدرة الخالق او خروجا على الدين.
ليس غريبا اذن ان يكون نيوتن قد ولد بعد عام من موت غاليليو مؤسس العلم الحديث ومعلوم ان غاليليو تعرض للاضطهاد من قبل الكنيسة الكاثوليكية، بل وحاكموه وأجبروه على التراجع عن الحقائق العلمية التي اكتشفها.
ويقول المؤلف بما معناه: طيلة حياته كان نيوتن مفعما بكره الاستبداد والطغيان ولحسن الحظ انه ولد في انجلترا لا في سواها. فقد اتاح له جو الحرية ان يمشي في اكتشافاته العلمية الى مداها الاخير وكان اسعد حظا بكثير من سلفه الاعظم غاليليو.
ويرى بعض العلماء ان كتاب نيوتن «المباديء الرياضية للفلسفة الطبيعية» هو اهم كتاب ظهر في تاريخ العلم حتى الآن ففيه يبلور قوانين الطبيعة والكون بشكل علمي وعلى هيئة معادلات رياضية دقيقة.
حقا لقد اكتشف اسحاق نيوتن سر الكون ولغزه فماذا نريد بعد ذلك؟ وكل الفلاسفة الكبار كانوا تلامذته بدءا من فولتير الفرنسي وانتهاء بكانط الالماني.
لقد شرح لنا نيوتن في هذا الكتاب العظيم بنية الكون وتركيبته والآلية الميكانيكية التي تسيره. لقد كشف لنا عن القوانين التي تتحكم بالمجرات والكواكب والشمس والقمر وتأثير كل ذلك على الارض على حركة البحار والمحيطات.
لهذا السبب فإن بعضهم راح يرى في نيوتن نوعا من «السوبرمان» الذي يتجاوز الجنس البشري ويتعالى عليه! وقد قال عنه العالم الفرنسي «لابلاس» الذي يعتبر احد تلامذته ومواصلي ابحاثه: ان كتابه سيبقى اكبر شاهد على عمق العبقرية وعظمتها. فقد كشف لنا فيه عن القانون الاعظم للكون.
ويقول المؤلف مردفاً: عندما اكتشف نيوتن قانون الجاذبية الكونية وحساب اللامتناهي الصغر، ونظرية الضوء فإنه حرص على عدم اعلان اكتشافاته على الملأ فورا.
وذلك هذه اسباب منها انه لم يكن قد وجد العادات الرياضية للبرهنة على صحة اكتشافاته بشكل نهائي.
ومنها انه كان خجولا جدا ويخشى المناظرات والمناقشات الصاخبة. كان يحب ان يشتغل في الظل والصمت على عكس الاساتذة الاخرين الذين يحبون الصالونات والأضواء.
كان نيوتن من الناحية النفسية ذا طبع قلق وشكاك. كان يشك في اي شيء ويشتبه في اي شخص. ولم يكن يعطي ثقته للآخرين بسهولة. يضاف الى ذلك ان خجله كان يدفعه احيانا الى الانفجار بالغضب الشديد دون سبب او دون مبرر كان الرجل متواضعا جدا ولا يحب العلاقات العامة والاضواء. وقد كتب مرة الى احد اصدقائه يقول: لا تذكر اسمي امام احد لا اريد ان اشتهر بين الناس وتكثر معارفي.
في عام 1687 ظهر كتاب نيوتن: المباديء الرياضية للفلسفة الطبيعية. وهو يعتبر ذروة الفكر البشري وقال عنه احد العلماء الكبار: لم يظهر في تاريخ العلم كتاب بمثل هذه الاهمية والحجم. ومن الصعب ان نتخيل ظهور اي كتاب يعادله في مستقبل البشرية! كل نظام العالم ملخص فيه ومشروح وكل تعددية ظواهر العالم معادة فيه الى وحدتها التكاملية فعن طريق قانون الجاذبية الكوني الذي اكتشفه يمكننا ان نفهم حركة المد والجزر للبحار والمحيطات ويمكننا ان نفهم الاضطرابات التي تعتري الكون والكواكب ويمكننا ان نقيس حجم القمر! عندما صدر هذا الكتاب العظيم كان عمر نيوتن خمسة واربعين عاما فقط. ويقول المعاصرون في وصف نيوتن ما يلي: كان متوسط القامة ذا مظهر جميل ومريح للنظر وكانت عينه حادة وثاقبة عندما تنظر اليك وشعره كان غزيرا وطويلا يغطي على رقبته تقريبا. وقد ابيض شعره منذ الثلاثين وأصبح شائبا او اشيب.
ولم يمرض نيوتن في حياته ابدا. وكان غاطسا في افكاره على الدوام. وكان يتحدث قليلا اذا ما تحدث وبشكل رديء. ولم يكن يهتم بمحدثه كثيرا.. وكانت عبقريته من الضخامة بحيث انه لم يكن يستطيع التواصل مع الناس العاديين.
وقد ظل نيوتن يدرس في جامعة كمبردج لمدة ثلاثين سنة دون ان يخرج عالما واحدا جديرا به وأحيانا كان يدخل الى الصف فلا يجد تلميذا واحدا لكي يستمع اليه وعندئذ كان يشعر بالسعادة وينصرف.
ولكن على الرغم من تقشفه وتقواه الديني الا انه كان يهتم بمصالحه المادية والشخصية كثيرا. فقد خلف وراءه ثروة طائلة ورثها اخوته لانه لم يكن له هو اي ولد ولم يتزوج ولم ينجب.
لقد كرس كل حياته لشيء واحد هو العلم ولكن عندما بلغ ذروة الشهرة والمجد راح يقبل التشريفات فقد انتخبوه عضوا في مجلس العموم البريطاني.
وكان يحضر جلسات مجلس النواب دون ان ينبس ببنت شفة كان كالأخرس يحضر الجلسة وهو صامت من اولها الى اخرها ثم يخرج.
ثم يتحدث المؤلف عن مشاكل نيوتن العصبية والنفسية ويقول بما معناه: نظرا لانشغاله بأبحاثه العلمية نسي ان يأكل وينام بشكل جيد لمدة سنتين متتاليتين وعندئذ سقط صريع المرض.
ثم حصل حريق في بيته ودمر اوراقه ودفاتره وعندئذ ضاع عقله، هذا العقل الذي طالما حلق في اعالي السماوات.
وهكذا انهار عقل نيوتن واصيب بالجنون لمدة سنة ونصف. وعندما استفاق من المرض عام 1693 راح يستعيد ابحاثه العلمية من جديد. ولكن عبقريته كانت قد ضعفت ولم يحقق اي اكتشاف بعدئذ.
ولكن الا يكفيه كل ما اكتشفه سابقا؟ ثم عاش نيوتن بعدئذ شيخوخة سعيدة محاطة بأبناء اخوته وبناتهم ومعززا ومكرما من قبل ملك بريطانيا وملكتها.
وقد طبقت شهرته الآفاق الى درجة ان احد علماء فرنسا الكبار سأله زميله الانجليزي الذي يعرف نيوتن شخصيا فيما اذا يأكل ويشرب وينام كبقية البشر! فالناس اصبحوا يعتقدون انه فوق البشر، او انه من جنس وبقية البشر من جنس آخر وعندما مات عام 1727 كان عمره يناهز الخامسة والثمانين. وهو عمر كبير جدا بالنسبة لذلك العصر وقد خرجت انجلترا كلها لتشييعه في موكب مهيب ولم يحصل ذلك الا للملوك.
إسحاق نيوتن
رياضي وفيزيائي إنجليزي، وواحد من عباقرة الرياضيات والفيزياء في التاريخ البشري، تلقى تعليمه في «ترينتي كوليدج» وجامعة«كمبريدج»، وصار زميلا في جامعة كمبريدج عام 1667، بعد عامين من حصوله على تلك الزمالة، أصبح نيوتن أستاذا للرياضيات وزميلا للجمعية الملكية عام 1671، كما دخل معترك الحياة السياسية وصار عضوا في البرلمان الإنجليزي، ترأس دار سك العملة الإنجليزية عام 1699، ثم تولى رئاسة الجمعية الملكية البريطانية في لندن منذ عام 1703 وحتى مماته.
تعددت مجالات واهتمامات إسحاق نيوتين، فشملت الرياضيات والميكانيكا (الرياضيات التطبيقية) والفلك والبصريات والفيزياء، وعلى الأخص الضوء، وفي مجال الفلك، كان أول من أدرك طبيعة المسار الأهليلجي للنيازك، كما طور نظريته الديناميكية المتعلقة بالجاذبية الأرضية، وكان ذلك عام 1672. ولنيوتن الفضل في رصد ما يسمى بهوامش أو حواف التداخل الملونة الناشئة عن ظاهرتي الانعكاس والانكسار خلال الطبقات الرقيقة، ولعل هذا هو سبب تسمية تلك الحواف ب « حلقات نيوتن».
من أهم مؤلفاته العلمية«الفلسفة الطبيعية للمبادئ الرياضية»، وكتبه مابين عامي 1685 و1686، ولم ينشر إلا عام 1687، وله أيضا بحث هام بعنوان «البصريات» نشر عام 1704، ويعد نيوتن أول من طور آلة المنظار العاكس، كما كانت له دراسات هامة عديدة في مجال الطيف الشمسي.
وقد أطلق اسم «نيوتن» على وحدة القوة في النظام المتري لفضله الكبير في الأبحاث الفيزيائية الخاصة بالأجسام وكتلها كما منح لقب «سير» لإسهاماته العلمية.
الجاذبية الأرضية
الجاذبية الأرضية عبارة عن قوة تجذب كل الأجسام الموجودة في الكون جهة مركز الأرض ، وهي أكثر الأنواع الشائعة من أربعة تفاعلات رئيسية للمادة. وللجاذبية خصائص رئيسية متعددة تميزها عن التفاعلات الرئيسية الأخرى، ألا وهي القوة الكهرومغناطيسية، والقوة النووية القوية، والقوة النووية الضعيفة.
أولا: أنها قوة شاملة تؤثر على كل أشكال المادة والطاقة بطريقة كبيرة بينما تؤثر كل التفاعلات الأخرى تأثيرا مباشرا على أنواع معينة من الجسيمات. على سبيل المثال، تؤثر القوى الكهرومغناطيسية على الجسيمات المشحونة فقط. ثانيا: أنها قوة جذب فقط بخلاف القوى الأخرى التي هي قوى جذب وطرد. ثالثا: أنها تتفاعل بشكل طويل المدى، عكس القوى الأخرى المحدودة في نطاق معين. رابعا: أنها أضعف أنواع القوى الأربعة الرئيسية، حيث أن لها تأثيرا ضعيفا على الجسيمات البسيطة الملاصقة لها.
ولقد كانت هناك محاولات عديدة لوصف وتفسير الجاذبية عبر التاريخ. ففي عام 330 قبل الميلاد، زعم أرسطو أن للعناصر الأربعة -الأرض والماء والهواء والنار- مواقعها الطبيعية وهي تميل إلى التحرك باتجاه هذه المواقع. وقد ذهب إلى أن الأجسام التي تحتوي على مقادير من الأرض أكبر من غيرها تسقط نحو الأرض بصورة أسرع وأن سرعتها تزيد عندما تقترب من موقعها الطبيعي.
وفي القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي عبر البيروني بشكل واضح عن مفهوم الجاذبية الأرضية في رده على المعترضين على دوران الأرض فقال كتابه القانون المسعودي : "الناس على الأرض منتصبو القامات على استقامة أقطار الكرة، وعليها أيضا نزول الأثقال إلى الأسفل".
أما الهمداني من علماء القرن التاسع الهجري / الخامس عشر الميلادي فقد عبر بوضوح عن مفهوم الجاذبية فذكر في كتابه الجوهرتين عن الأرض وما يرتبط بها من أركان ومياه وهواء ما نصه: "فمن كان تحتها (أي تحت الأرض) فهو في الثبات في قامته كمن فوقها، ومسقطه وقدمه إلى سطحها الأسفل كمسقطه إلى سطحها الأعلى، وكثبات قدمه عليه. فهي بمنزلة حجر المغناطيس الذي تجذب قواه الحديد إلى كل جانب. فأما ما كان فوقه فإن قوته وقوة الأرض تجتمعان على جذبه وما د ار به فالأرض أغلب عليه إذا كان الحديد مثلا يمس أجزاء الحجر والأرض أغلب عليه بالجذب لأن القهر من هذه الحجارة لا يرفع العلاة ولا سفلة الحداد".
في تعبير عن تناسب عجلة الجاذبية الأرضية مع بعد المسافة عن مركز الأرض أشار ابن سينا في كتابه الشفاء ما نصه: "والخفيف المطلق هو الذي في طباعه أن يتحرك إلى غاية البعد عن المركز، ويقتضي طبعه أن يقف طافيا بحركته فوق الأجرام كلها، وأعني بالطافي ليس كل وضع فوق جسم، بل وضعا يصلح أن يكون منتهى حركة. والثقيل المطلق ما يقابله حق المقابلة، فتكون حركته أسرع حركة لميله إلى غاية البعد عن المحيط خارقا كل جسم غيره، فيقتضي أن يقف رأسيا تحت الأجسام كلها".
ولقد بحث ابن ملكا البغدادي حركة المقذوفات من حيث أن حركتها إلى أعلى تعاكس فعل الجاذبية الأرضية، فتبطأ من تسارعها حتى تصل إلى نقطة الصفر ثم ترتد راجعة إلى سطح الأرض بفعل الجاذبية الأرضية. فيقول في كتابه المعتبر : "من توهم أن بين حركة الحجر علوا المستكرهة بالتحليق وبين انحطاطه وقفة فقد أخطأ. وإنما تضعف القوة المستكرهة له وتقوى قوة ثقله، فتصغر الحركة، وتخفى حركته على الطرف، فيتوهم أنه ساكن". ويضيف: "فكذلك الحجر المقذوف فيه ميل مقاوم للميل المقذوف، إلا أنه مقهور بقوة القاذف، ولأن القوة القاسرة عرضية فيه فهي تضعف لمقاومة هذه القوة والميل الطبيعي ولمقاومة المخروق... فيكون الميل القاسر في أوله على غاية القهر للميل الطبيعي، ولا يزال يضعف ويبطئ الحركة ضعفا وبطئا بعد بطء حتى يعجز عن مقاومة الميل الطبيعي، فيغلب الميل الطبيعي فيحرك إلى جهته".
ولقد ظل تفسير ابن ملكا سائدا طوال ستة قرون حتى عام 1012هـ / 1604 م. عندما استنتج العالم الإيطالي جاليليو جاليلي أن الجاذبية تمنح عجلة محددة وليست سرعة وأن هذه العجلة متساوية لكل الأجسام التي تتحرك في الفراغ.
أما العالم الإنجليزي إسحاق نيوتن فقد قدم تصورا لنظرية الجاذبية الأرضية حيث توصل في عام 1014هـ / 1606 م. إلى أن مدار القمر يعتمد على نفس نوع القوة التي تجعل التفاحة تسقط على الأرض. وتتطلب هذه النظرية أن يتناقص مقدار القوة على أن يتناسب عكسيا مع مربع المسافة من مركز الأرض. وقد دمج نيوتن قانون مربع المس افة مع قوانين الحركة الثلاثة التي توصل إليها وكون نظرية الجاذبية العامة والتي تنص على أنه توجد جاذبية بين كل زوجين من الأجسام تتناسب عكسيا مع مربع المسافة بينهما.
ولكن نيوتن لم يعط سببا للجاذبية، بل في حقيقة القول، لقد تجنب نيوتن أساسا تسميتها باسمها "الجاذبية" وإنما تحدث بدلا من ذلك عن "أجسام تنجذب نحو بعضها الآخر". وقد كان هذا الاستنتاج كافيا للتوصل إلى قوانين كيبلر الخاصة بحركة الكواكب، والمد والجزر في المحيطات ونظرية الاعتدال الربيعي والخريفي. وفي عام 1262هـ / 1846 م. استخدمت نظرية الجاذبية في التنبؤ بكوكب جديد واكتشافه ألا وهو نيبتون.
وقد صاغ نيوتن قانون الجاذبية لأول مرة عام 1095هـ / 1684 م. والذي ينص على أن الجاذبية بين جسمين تتناسب تماما مع ناتج كتلة هذين الجسمين وتتناسب عكسيا مع مربع المسافة بينهما. وإذا صيغت هذه النظرية صياغة جبرية، ستكون على النحو التالي:
حيث ق هي قوة الجاذبية، وك1 وك2 كتلة الجسمين، وف هي المسافة بين الجسمين، وج ثابت الجاذبية الأرضية.
وقد حدد هنري كافنديش قيمة ج لأول مرة عام 1212هـ / 1798 م. حيث قام بقياس قوة الجاذبية بين جسمين كرويين ذوي كتلة معروفة. وتعرف هذه التجربة باسم "وزن الأرض"، وذلك لأنه بمجرد تحديد ج، يمكن تحديد كتلة الأرض ك (ض) من القيمة الفلكية المعروفة لـ ج ك (ض). وقد كررت التجربة عدة مرات بنجاح متزايد.
وفي عام 1323هـ / 1905 م. طور ألبرت أينشتين نظريته الخاصة بالنسبية التي عدلت نظرية الجاذبية لدى نيوتن. وقد سعى أينشتين إلى وصف الجاذبية بطريقة مستقلة عن حركة من يقوم بملاحظتها، وقد أدى هذا إلى التوصل إلى نظرية هندسية تصف الجاذبية وصفا دقيقا. وطبقا لما ذهب إليه أينشتين، تؤثر الجاذبية على كل أشكال المادة والطاقة.
بالإضافة إلى بيان تأثير الجاذبية على المادة، أوضح أينشتين تأثير المادة على الجاذبية. وقد انتهى أينشتين من هذه النظرية عام 1254هـ / 1915 م. وأصبحت تسمى "النسبية العامة".
المرجع:-
موسوعة العلماء السير إسحاق نيوتن (16421727)
Edunet Cafe forum Edunet Cafe
مع تحيات Edunet Cafe
http://www.edunetcafe.com/index.php