FaReS_X2
04-26-2012, 05:56 AM
قاعدة الشكل في القانون الدولي الخاص (قاعدة لوكيس)
قاعدة الشكل في القانون الدولي الخاص (قاعدة لوكيس)
مقدمة
لم يفرق فقهاء مدرسة الأحوال الإيطالية القديمة بين شكل العقد وموضوعه من حيث القانون الواجب التطبيق عليهما، فقد أخضعوهما معا لقانون واحد هو قانون محل إبرام العقد[1].
ومن هنا يجب التمييز في التصرفات القانونية بين القانون المختص بشكل التصرف والقانون المختص بموضوعه، ونؤثر أن نتناولها حسب هذا التسلسل خلافا للترتيب الذي أجراه المشرع الجزائري، الذي خصص المادة 18 لموضوع التصرف ثم المادة 19 لشكله، وهذا ما سنتناوله في موضوعنا هذا والذي يتحدث عن قاعدة الشكل في القانون الدولي الخاص[2].
فما مضمون قاعدة الشكل ومجال تطبيقها في القانون الدولي الخاص؟
المبحث الأول: التطور التاريخي وطبيعة قاعدة الشكل في القانون الدولي الخاص.
المطلب الأول: التطور التاريخي لقاعدة الشكل
استقرت غالبية النظم القانونية على إخضاع شكل التصرف لقانون بلد إبرامه Lucus regit actum.
1 ـ حينما ظهرت مشكلة تنازع القوانين في العصور الوسطى بمناسبة العلاقات التجارية الناشئة بين مدن شمال إيطاليا، تصدى الفقهاء القدامى من المحشين Glossateurs والمحشين اللاحقين post glossateurs لوضع الحلول الملائمة عن طريق التعليق بالحواشي على نصوص القانون الروماني.
وكان من بين أهم المبادئ التي قررها هؤلاء في القرن الثاني عشر والثالث عشر خضوع التصرف لقانون بلد إبرامه. وبذلك لم يفرق الفقه القديم بين شكل التصرف وموضوعه فأخضع كلاهما لقانون واحد هو قانون بلد الإبرام.
ولم يفطن إلى هذه التفرقة من الفقهاء القدامى سوى "بارتول" Bartole ، وكان ذلك بمناسبة تعليقه على قضية تتلخص في أن شخصا من بلدة "مودين" أجرى وصيته في "قينيس" وفقا لقانون هذه الأخيرة والذي كان يكتفي بحضور ثلاثة شهود كشرط لصحة الوصية.
وثار النزاع أمام القضاء حول صحة هذه الوصية نظرا لأن القانون الروماني، والذي يخضع له الأجانب في "قينيس" مع ذلك باعتبار الوصية صحيحة، فأقر "بارتول" هذا الحل على أساس أن من حق الأجانب في قينيس أن يبرموا وصاياهم في الشكل الذي يقرره قانونها.
وقد أيد الفقه القديم في مجموعه هذا الحل الذي يستجيب إلى حاجة المعاملات الخارجية لما يتضمنه من معنى التيسير على المتعاملين[3].
2 ـ واستمر الحال على هذا الوضع حتى جاء الفقيه الإيطالي "كورتيس" Curius في نهاية القرن الخامس عشر، وفسر خضوع موضوع العقد لقانون بلد الإبرام على أساس أن إرادة الأطراف قد اتجهت ضمنا إلى اختيار هذا القانون.
وبدت بذلك ملامح التطور نحو فصل شكل العقد عن موضوعه، وإخضاع هذا الأخير لقانون إرادة المتعاقدين.
وقد إستقبل الفقيه الفرنسي "ديمولان" Dumoulin هذه الفكرة في القرن السادس عشر. فمادام أن خضوع موضوع العقد لقانون بلد إبرامه يفسر على أساس رضاء المتعاقدين ضمنا بالخضوع لهذا القانون، فكأن هذه الإرادة قادرة إذن على أن تختار قانون آخر ليحكم الموضوع.
وباستقرار الفقه على إخضاع موضوع العقد لقانون الإرادة خلال القرن التاسع عشر، أصبح مفهوما أن قاعدة إخضاع موضوع العقد لقانون الإرادة خلال القرن التاسع عشر، أصبح مفهوما أن قاعدة إخضاع التصرف لقانون بلد الإبرام تقتصر على شكل التصرف دون موضوعه.
3 ـ على أن إيمان الفقه بقاعدة خضوع شكل التصرف لقانون بلد إبرامه لم بحل مع ذلك دون اختفاء هذه القاعدة فترة من الزمان تبدأ بظهور مبدأ عينية القوانين أو إقليميتها.
فقد عاب الفقيه الفرنسي "آرجنتريه" Argentré في القرن السادس عشر على مدرسة الأحوال الإيطالية القديمة اهتمامها بالمنهج التحليلي واختيار القانون المناسب بالنسبة لكل مسألة على حدة[4].
حيث ونادى آرجنتريه على العكس بوجوب وضع نظرية عامة للتنازع، وبعد أن قام بتقسيم القوانين إلى قوانين عينية أي تنطبق على كل من يقطن الإقليم وقوانين شخصية، أي تلحق بالشخص أينما ذهب، أكد آرجنتريه متأثرا في ذلك بظروف بيئته الإقطاعية وتطلعه إلى استقلال مقاطعة "بريتاني" التي تعيش فيها عن سلطان الملك، أن الأصل هو عينية القوانين أي إقليميتها، والإستثناء هو شخصيتها وإمكان امتدادها خارج الإقليم.
وكان الفقيه الفرنسي يهدف من وراء ذلك إلى مسايرة ظروف البيئة الإقطاعية وسعيها على تطبيق قوانينها تطبيقا إقليميا.
ودون الدخول في تفصيلات هذا الفقه، يكفينا هنا أن نشير إلى أن قاعدة خضوع شكل التصرف لقانون بلد إبرامه قد اختفت داخل هذه التقسيمات. فمن الفقه من اعتبرها من الأحوال العينية باعتبار أنها تطبق في دائرة إقليمية معينة وبالنسبة لكل الأشخاص أيا كان موطنهم.
بينما اتجه جانب آخر من الفقه إلى اعتبارها من الأحوال الشخصية (بمعنى القوانين الشخصية) لأن شأنها شأن هذه الأحوال من حيث عدم اقتصار سلطانها على مجال إقليمي معين.
وحينما انتقل فقه آرجنتريه على الأراضي المنخفضة وتبين فقهاء المدرسة الهولندية صعوبة إدراج قاعدة إخضاع شكل التصرف لقانون بلد الإبرام في أي من التقسيمات التقليدية. قاموا بتقسيم ثالث أسموه بالأحوال المختلطة، وقد ألحق الفقه الهولندي الأحوال المختلطة بالأحوال العينية، وبالتالي انتهى إلى وجوب تطبيقها تطبيقا إقليميا.
4 ـ ومع ذلك فقد عادت قاعدة خضوع شكل التصرف لقانون بلد الإبرام مرة أخرى إلى الظهور بصفة مستقلة عن التقسيمات السابقة، وأكدها الفقه الحديث وطبقتها المحاكم في غالبية دول العالم، كما أخذت بها تشريعات شتى ومن بينها التشريع المصري على نحو ما.
ويرجع اتفاق معظم الدول على الأخذ بهذه القاعدة إلى سلامة الاعتبارات التي تقوم عليها، واتفاق الحكم الذي قررته مع حاجة المعاملات الخاصة الدولية، فأساس هذه القاعدة هو التيسير على المتعاقدين الذين قد يصعب عليهم العلم بأحكام قانون غير قانون غير قانون الدولة التي ابرم فيها العقد.
المطلب الثاني: طبيعة قاعدة الشكل ( مقرة وملزمة)
رغم أن قاعدة خضوع شكل التصرف لقانون بلد الإبرام تقوم في نظر الفقه الغالب على اعتبارات عملية على نحو ما رأينا، إلا أن جانبا من الفقه قد حاول مع ذلك أن يردها إلى أصول نظرية. وقد ترتب على هذا الخلاف في الأساس الذي تقوم عليه القاعدة، خلافا آخر حول طبيعة هذه القاعدة: هل هي ملزمة آمرة أم أنها قاعدة جوازية أو اختيارية.
فقد نصت مضت الإشارة إلى أن ظهور مبدأ إقليمية القوانين قد دعى الفقه المناصر له إدراج القاعدة فيما أسموه بالأحوال العينية، فخضوع العقد لولاية القانون الإقليمي يقتضي بالضرورة ـ لدى هذا الفقه ـ إخضاع شكل العقد لسلطان هذا القانون ويترتب على هذا التأصيل النظري للقاعدة المتقدمة اعتبارها آمرة بحيث لا يجوز للمتعاقدين إخضاع شكل العقد المبرم بينهم لغير القانون المحلي[5].
وينتهي جانب من الفقه الحديث إلى نفس هذه النتيجة ولكن على أساس مختلف، ومؤدى هذا الرأي الأخير أن وجوب الاطمئنان على التصرفات القانونية من حيث الشكل يقتضي الأخذ بالقاعدة المتقدمة، وتبدو نصوص القانون المحلي بذلك كضرورة تمليها اعتبارات الأمن المدني، وهو ما يضفي عليها الصفة الآمرة لتعلقها بالنظام العام.
وعندنا أن هذا الاتجاه الذي يضفي على قاعدة خضوع شكل التصرف لقانون بلد إبرامه طابع الإلزام يتنافى مع الاعتبارات الأصيلة التي كانت وما تزال الأساس الفعلي لهذه القاعدة.
فقد مضت الإشارة إلى أن استقرار القاعدة في فقه الأحوال القديم أساسه اعتبارات التيسير على المتعاملين، وهي نفس الاعتبارات التي يستند إليها غالبية الفقه الحديث.
ويترتب على هذه الاعتبارات ضرورة التسليم بالصفة الاختيارية لقاعدة خضوع شكل التصرف لقانون بلد الإبرام يهدف أساسا إلى التيسير على المتعاقدين الذين قد يصعب عليهم العلم بأحكام قانون آخر.
ومادام أن ذلك هو هدف القاعدة وتلك هي حكمتها فليس هناك ما يدعو إلى إجبار المتعاقدين الذين قد يصعب عليهم العلم بأحكام قانون آخر أكثر ارتباطا بالتصرف المبرم بينهم مثل القانون الذي عينته إرادتهم المشتركة والذي يحكم موضوع العقد.
والقول بغير ذلك إهدار لحكمة القاعدة وهو التيسير على المتعاقدين، خاصة في الفروض التي يبرم فيها المتعاقدون تصرفهم أثناء مرورهم العارض بدولة معينة قد يتعذر عليهم العلم بأحكام قانونها.
ومهما كان المر فقد تبنى المشرع المصري وجهة النظر التي أقرها الفقه الغالب في المادة 20 من القانون المدني، فلم يلزم المتعاقدين بإتباع الشكل المقرر في قانون بلد الإبرام، وإنما أجاز إخضاع شكل التصرفات أيضا للقانون الذي يسرى على أحكامها الموضوعية، أو قانون موطن المتعاقدين المشترك أو قانون جنسيتها المشتركة.
وعلى هذا النحو أجاز المشرع المصري للقاضي أن يطبق على شكل العقد أحد القوانين المشار إليها في النص مادام أن هذا التطبيق سيؤدي على صحة التصرف القانوني من حيث الشكل.
ولهذا فقد سبق أن أشرنا إلى قاعدة الإسناد الخاصة بشكل العقود تعد من القواعد غير المحايدة التي لا تسعى إلى مجرد إدراك عدالة شكلية باختيار القانون الأوثق صلة بالعلاقة العقدية، وإنما هي تهدف أيضا إلى تحقيق نتيجة موضوعية محددة وذلك باختيار القانون الذي يؤدي تطبيقه على صحة العقد عملا بحكمة الإسناد وهي التيسير على المتعاقدين.
ومن هنا يتبين لنا تحديد مقصود فكرة شكل التصرفات:
مادام أن المشرع قد ميز في الإسناد بين شكل التصرفات وموضوعها فإنه يتعين بداهة أن يحدد المقصود بفكرة الشكل التي تخضع لقانون بلد الإبرام أو قانون الموطن المشترك أو الجنسية المشتركة للمتعاقدين.
وغنى عن البيان أن مشكلة التفرقة بين شكل التصرف وموضوعه لا تثور في مصر أمام القضاء فيما إذا أفرغ التصرف في الشكل المقرر في القانون الذي يسري على الموضوع إذ أن التصرف في مجموعة يخضع في هذه الحالة سواء من حيث الشكل أو من حيث الموضوع لقانون واحد.
وقبل أن نتصدى لتحديد المقصود بفكرة شكل التصرف والتفرقة بينها وبين موضوعه، يحسن أن نستبعد أولا بعض المسائل التي يؤدي وصفها بأنها من مسائل الشكل إلى الخلط بينها وبين فكرة شكل التصرف على المعنى الذي نقصده في هذا المجال.
المبحث الثاني: مجال إعمال قاعدة الشكل في القانون الدولي الخاص
المطلب الأول: مجال تطبيقها في الأحوال الشخصية
كانت مسألة تحرير الوصية هي التي أثارت عند المدرسة الإيطالية القديمة تبحث موضوع الشكل فقد عمل أحد سكان مدينة "مودين" وصية وهو في مدينة فينيس وقانون المدينة الأولى يستلزم لصحة عمل الوصية حضور سبعة شهود، بينما يستلزم قانون المدينة الثانية حضور ثلاثة فقط. وقد قرر القضاء في مدينة فينس صحة هذه الوصية مادامت قد تمت صحيحة في مكان عملها، وكان ذلك سببا في تعميم الحكم على كل التصرفات القانونية في وضع قاعدة لوكس "locus regit actum "، غير أن فقهاء المدرسة الإيطالية القديمة كانوا يقولون بتطبيق هذه القاعدة على كل التصرفات موضوعا وشكلا، حتى جاء ديمولان وفصل بين الشكل والموضوع وقصر تطبيق القاعدة المذكورة على الشكل الخارجي للتصرف بينما أخضع الموضوع لقانون الإرادة.
ومنذ هذا التاريخ اقتصرت القاعدة على الشكل الخارجي للتصرف وأخذت بها أغلب تشريعات العالم خاصة بما يتعلق بالأحوال الشخصية.
ولقد أخذ القانون الجزائري كالقوانين العربية باعتبار هذه القاعدة اختيارية فنصت المادة 19 من القانون المدني على ما يلي: " تخضع العقود ما بين الأحياء في شكلها لقانون البلد الذي تمت فيه، ويجوز أن تخضع للقانون الوطني المشترك للمتعاقدين"[6].
والحكمة في إخضاع شكل التصرف لقانون المحل هو ملائمة الشكل المحلي لسلامة المعاملات بين الناس إذ أن قواعد هذا الشكل تكون بالضرورة سهلة المعرفة لدى المتعاقدين واقرب منالا لهم، لاسيما إذا ما اقتضى الأمر أن يتقدموا على من يقومون في هذا المحل بتحرير العقود، وإذا احترم المتعاقدون الشكل الذي يتطلبه قانون المحل كان ذلك ادعى إلى طمأنتهم على صحة تصرفاتهم وعلى سلامتها من حيث المظهر، وبما أن الاعتبار الأول في تطبيق قاعدة Locus هو تيسير المعاملات وتسهيل الحصول على ما يقضي به القانون المحلي لصحة الشكل، فإذا كان المتعاقد أن أعرف بقواعد الشكل التي يتطلبها قانون جنسيتهما المشتركة، فلهما أن يختارا تطبيق هذا القانون على شكل تصرفهما.
وأما الأشكال المكملة للأهلية Les Formes habilitantes مثل شكل الأذن للوصي أو للقيم بالتصرف، فإنها أشكال تتصل بحماية ناقصي الأهلية وتخضع لقانون جنسية هؤلاء الأشخاص.
وأما الأشكال المطلوبة لإثبات التصرف مثل تحرير الورقة كتابة أو شهادة الشهود أو إثبات التاريخ أو التوقيع أو التصديق عليه، فإن الفقه في فرنسا يدخلها في نطاق قانون المحل ويخضعهما لقاعدة Locus.[7]
المطلب الثاني: مجال تطبيقها في الأحوال المالية
ويلاحظ أن اتفاقيات جنيف المنعقدة في سنتي 1931/1932 بخصوص الأوراق التجارية القابلة للتداول قد اشترطت فيها الدول المتعاقدة أن يطبق على شكل الورقة التجارية قانون الجنسية المشتركة للأطراف المعنية في الورقة.
كما يلاحظ أن معهد القانون الدولي بمدينة (جاند) قرر في سنة 1927 أن مراعاة الشكل المقرر في القانون الذي يحكم موضوع التصرف تغني عن مراعاة الشكل المحلي.
بقيت مسألة أثير الجدل حولها هي مسألة الدمغة Les timbres أو ضرورة الكتابة على ورقة دمغة، فهل تعتبر مثل هذه الأمور داخلة في الشكل بحيث يجب أن تستوفي طبقا لقانون المحل، وبحيث لو عرضت أوراق على قاض غير قاضي هذا المحل غير مستوفاة للدمغة أو غير مكتوبة على ورق الدمغة التي يتطلبها قانون المحل فعليه ألا يقبلها؟
يقول البعض أن هذا طبيعي، فإذا عرضت على القاضي أوراق كان يجب أن تحمل طوابع دمغة أو أن تكون مدموغة أو أن تحصل عنها رسوم دمغة طبقا للقانون الذي يسري على الشكل، فيجب أن يرفضها إذا لم يعرض عليه النزاع محصل ضرائب لحساب الدولة التي حررت فيها هذه الأوراق، غير أنه يرد على هذا الاعتراض بأن التعاون الدولي من الناحية المالية أمر مرغوب فيه ولذلك تتعاون الدول على عدم ازدواج الضرائب، ولكن للقاضي الذي يعرض عليه النزاع، إذا رأى أن مثل هذه الرسوم تعتبر طبقا لقانونه فادحة وظالمة يستعمل سلاح النظام العام ويصرف النظر عنها[8].
ولقد اتفقت الدول المتعاقدة في اتفاقيات جنيف السابقة الذكر على أن يستبعدوا من تشريعاتهم جزاء البطلان أو السقوط لكمبيالة غير مستوفاة للدمغة طبقا لقانون المحل[9].
وعلى كل حال فطبقا للقاعدة العامة في التكييف يرجع إلى قانون القاضي في اعتبار ما هو شكلي وما هو موضوعي.
ومن هنا الأشكال المطلوبة لإشهار التصرفات المتعلقة بالأموال، فإنها لا تخضع لقانون الشكل وإنما تخضع لقانون موقع هذه الأموال، إذ أن الغرض من هذه الأشكال هو إعلام الغير وحماية واستقرار المعاملات المالية[10].
خاتمة. (http://www.edunetcafe.com/index.php)
و أخيرا يتضح لنا أن الراجح على أن مسألة لزوم أو عدم لزوم الدليل الكتابي لإثبات التصرف تخضع للقانون الذي يحكم شكل هذا التصرف، كما تخضع لهذا القانون أيضا قوة الدليل في الإثبات.
وعلى ذلك فإذا كان القانون الذي يحكم الشكل لا يتطلب الدليل الكتابي بينما يستلزم القانون الذي يحكم الموضوع هذا الدليل فإنه يجوز إثبات التصرف بغير الدليل الكتابي، وبالتالي عدم استلزام الدليل الكتابي الذي يتطلبه القانون الذي يحكم الشكل إذا كان قانون القاضي يسمح بإثبات التصرف بغير هذا الدليل.
قاعدة الشكل في القانون الدولي الخاص (قاعدة لوكيس)
مقدمة
لم يفرق فقهاء مدرسة الأحوال الإيطالية القديمة بين شكل العقد وموضوعه من حيث القانون الواجب التطبيق عليهما، فقد أخضعوهما معا لقانون واحد هو قانون محل إبرام العقد[1].
ومن هنا يجب التمييز في التصرفات القانونية بين القانون المختص بشكل التصرف والقانون المختص بموضوعه، ونؤثر أن نتناولها حسب هذا التسلسل خلافا للترتيب الذي أجراه المشرع الجزائري، الذي خصص المادة 18 لموضوع التصرف ثم المادة 19 لشكله، وهذا ما سنتناوله في موضوعنا هذا والذي يتحدث عن قاعدة الشكل في القانون الدولي الخاص[2].
فما مضمون قاعدة الشكل ومجال تطبيقها في القانون الدولي الخاص؟
المبحث الأول: التطور التاريخي وطبيعة قاعدة الشكل في القانون الدولي الخاص.
المطلب الأول: التطور التاريخي لقاعدة الشكل
استقرت غالبية النظم القانونية على إخضاع شكل التصرف لقانون بلد إبرامه Lucus regit actum.
1 ـ حينما ظهرت مشكلة تنازع القوانين في العصور الوسطى بمناسبة العلاقات التجارية الناشئة بين مدن شمال إيطاليا، تصدى الفقهاء القدامى من المحشين Glossateurs والمحشين اللاحقين post glossateurs لوضع الحلول الملائمة عن طريق التعليق بالحواشي على نصوص القانون الروماني.
وكان من بين أهم المبادئ التي قررها هؤلاء في القرن الثاني عشر والثالث عشر خضوع التصرف لقانون بلد إبرامه. وبذلك لم يفرق الفقه القديم بين شكل التصرف وموضوعه فأخضع كلاهما لقانون واحد هو قانون بلد الإبرام.
ولم يفطن إلى هذه التفرقة من الفقهاء القدامى سوى "بارتول" Bartole ، وكان ذلك بمناسبة تعليقه على قضية تتلخص في أن شخصا من بلدة "مودين" أجرى وصيته في "قينيس" وفقا لقانون هذه الأخيرة والذي كان يكتفي بحضور ثلاثة شهود كشرط لصحة الوصية.
وثار النزاع أمام القضاء حول صحة هذه الوصية نظرا لأن القانون الروماني، والذي يخضع له الأجانب في "قينيس" مع ذلك باعتبار الوصية صحيحة، فأقر "بارتول" هذا الحل على أساس أن من حق الأجانب في قينيس أن يبرموا وصاياهم في الشكل الذي يقرره قانونها.
وقد أيد الفقه القديم في مجموعه هذا الحل الذي يستجيب إلى حاجة المعاملات الخارجية لما يتضمنه من معنى التيسير على المتعاملين[3].
2 ـ واستمر الحال على هذا الوضع حتى جاء الفقيه الإيطالي "كورتيس" Curius في نهاية القرن الخامس عشر، وفسر خضوع موضوع العقد لقانون بلد الإبرام على أساس أن إرادة الأطراف قد اتجهت ضمنا إلى اختيار هذا القانون.
وبدت بذلك ملامح التطور نحو فصل شكل العقد عن موضوعه، وإخضاع هذا الأخير لقانون إرادة المتعاقدين.
وقد إستقبل الفقيه الفرنسي "ديمولان" Dumoulin هذه الفكرة في القرن السادس عشر. فمادام أن خضوع موضوع العقد لقانون بلد إبرامه يفسر على أساس رضاء المتعاقدين ضمنا بالخضوع لهذا القانون، فكأن هذه الإرادة قادرة إذن على أن تختار قانون آخر ليحكم الموضوع.
وباستقرار الفقه على إخضاع موضوع العقد لقانون الإرادة خلال القرن التاسع عشر، أصبح مفهوما أن قاعدة إخضاع موضوع العقد لقانون الإرادة خلال القرن التاسع عشر، أصبح مفهوما أن قاعدة إخضاع التصرف لقانون بلد الإبرام تقتصر على شكل التصرف دون موضوعه.
3 ـ على أن إيمان الفقه بقاعدة خضوع شكل التصرف لقانون بلد إبرامه لم بحل مع ذلك دون اختفاء هذه القاعدة فترة من الزمان تبدأ بظهور مبدأ عينية القوانين أو إقليميتها.
فقد عاب الفقيه الفرنسي "آرجنتريه" Argentré في القرن السادس عشر على مدرسة الأحوال الإيطالية القديمة اهتمامها بالمنهج التحليلي واختيار القانون المناسب بالنسبة لكل مسألة على حدة[4].
حيث ونادى آرجنتريه على العكس بوجوب وضع نظرية عامة للتنازع، وبعد أن قام بتقسيم القوانين إلى قوانين عينية أي تنطبق على كل من يقطن الإقليم وقوانين شخصية، أي تلحق بالشخص أينما ذهب، أكد آرجنتريه متأثرا في ذلك بظروف بيئته الإقطاعية وتطلعه إلى استقلال مقاطعة "بريتاني" التي تعيش فيها عن سلطان الملك، أن الأصل هو عينية القوانين أي إقليميتها، والإستثناء هو شخصيتها وإمكان امتدادها خارج الإقليم.
وكان الفقيه الفرنسي يهدف من وراء ذلك إلى مسايرة ظروف البيئة الإقطاعية وسعيها على تطبيق قوانينها تطبيقا إقليميا.
ودون الدخول في تفصيلات هذا الفقه، يكفينا هنا أن نشير إلى أن قاعدة خضوع شكل التصرف لقانون بلد إبرامه قد اختفت داخل هذه التقسيمات. فمن الفقه من اعتبرها من الأحوال العينية باعتبار أنها تطبق في دائرة إقليمية معينة وبالنسبة لكل الأشخاص أيا كان موطنهم.
بينما اتجه جانب آخر من الفقه إلى اعتبارها من الأحوال الشخصية (بمعنى القوانين الشخصية) لأن شأنها شأن هذه الأحوال من حيث عدم اقتصار سلطانها على مجال إقليمي معين.
وحينما انتقل فقه آرجنتريه على الأراضي المنخفضة وتبين فقهاء المدرسة الهولندية صعوبة إدراج قاعدة إخضاع شكل التصرف لقانون بلد الإبرام في أي من التقسيمات التقليدية. قاموا بتقسيم ثالث أسموه بالأحوال المختلطة، وقد ألحق الفقه الهولندي الأحوال المختلطة بالأحوال العينية، وبالتالي انتهى إلى وجوب تطبيقها تطبيقا إقليميا.
4 ـ ومع ذلك فقد عادت قاعدة خضوع شكل التصرف لقانون بلد الإبرام مرة أخرى إلى الظهور بصفة مستقلة عن التقسيمات السابقة، وأكدها الفقه الحديث وطبقتها المحاكم في غالبية دول العالم، كما أخذت بها تشريعات شتى ومن بينها التشريع المصري على نحو ما.
ويرجع اتفاق معظم الدول على الأخذ بهذه القاعدة إلى سلامة الاعتبارات التي تقوم عليها، واتفاق الحكم الذي قررته مع حاجة المعاملات الخاصة الدولية، فأساس هذه القاعدة هو التيسير على المتعاقدين الذين قد يصعب عليهم العلم بأحكام قانون غير قانون غير قانون الدولة التي ابرم فيها العقد.
المطلب الثاني: طبيعة قاعدة الشكل ( مقرة وملزمة)
رغم أن قاعدة خضوع شكل التصرف لقانون بلد الإبرام تقوم في نظر الفقه الغالب على اعتبارات عملية على نحو ما رأينا، إلا أن جانبا من الفقه قد حاول مع ذلك أن يردها إلى أصول نظرية. وقد ترتب على هذا الخلاف في الأساس الذي تقوم عليه القاعدة، خلافا آخر حول طبيعة هذه القاعدة: هل هي ملزمة آمرة أم أنها قاعدة جوازية أو اختيارية.
فقد نصت مضت الإشارة إلى أن ظهور مبدأ إقليمية القوانين قد دعى الفقه المناصر له إدراج القاعدة فيما أسموه بالأحوال العينية، فخضوع العقد لولاية القانون الإقليمي يقتضي بالضرورة ـ لدى هذا الفقه ـ إخضاع شكل العقد لسلطان هذا القانون ويترتب على هذا التأصيل النظري للقاعدة المتقدمة اعتبارها آمرة بحيث لا يجوز للمتعاقدين إخضاع شكل العقد المبرم بينهم لغير القانون المحلي[5].
وينتهي جانب من الفقه الحديث إلى نفس هذه النتيجة ولكن على أساس مختلف، ومؤدى هذا الرأي الأخير أن وجوب الاطمئنان على التصرفات القانونية من حيث الشكل يقتضي الأخذ بالقاعدة المتقدمة، وتبدو نصوص القانون المحلي بذلك كضرورة تمليها اعتبارات الأمن المدني، وهو ما يضفي عليها الصفة الآمرة لتعلقها بالنظام العام.
وعندنا أن هذا الاتجاه الذي يضفي على قاعدة خضوع شكل التصرف لقانون بلد إبرامه طابع الإلزام يتنافى مع الاعتبارات الأصيلة التي كانت وما تزال الأساس الفعلي لهذه القاعدة.
فقد مضت الإشارة إلى أن استقرار القاعدة في فقه الأحوال القديم أساسه اعتبارات التيسير على المتعاملين، وهي نفس الاعتبارات التي يستند إليها غالبية الفقه الحديث.
ويترتب على هذه الاعتبارات ضرورة التسليم بالصفة الاختيارية لقاعدة خضوع شكل التصرف لقانون بلد الإبرام يهدف أساسا إلى التيسير على المتعاقدين الذين قد يصعب عليهم العلم بأحكام قانون آخر.
ومادام أن ذلك هو هدف القاعدة وتلك هي حكمتها فليس هناك ما يدعو إلى إجبار المتعاقدين الذين قد يصعب عليهم العلم بأحكام قانون آخر أكثر ارتباطا بالتصرف المبرم بينهم مثل القانون الذي عينته إرادتهم المشتركة والذي يحكم موضوع العقد.
والقول بغير ذلك إهدار لحكمة القاعدة وهو التيسير على المتعاقدين، خاصة في الفروض التي يبرم فيها المتعاقدون تصرفهم أثناء مرورهم العارض بدولة معينة قد يتعذر عليهم العلم بأحكام قانونها.
ومهما كان المر فقد تبنى المشرع المصري وجهة النظر التي أقرها الفقه الغالب في المادة 20 من القانون المدني، فلم يلزم المتعاقدين بإتباع الشكل المقرر في قانون بلد الإبرام، وإنما أجاز إخضاع شكل التصرفات أيضا للقانون الذي يسرى على أحكامها الموضوعية، أو قانون موطن المتعاقدين المشترك أو قانون جنسيتها المشتركة.
وعلى هذا النحو أجاز المشرع المصري للقاضي أن يطبق على شكل العقد أحد القوانين المشار إليها في النص مادام أن هذا التطبيق سيؤدي على صحة التصرف القانوني من حيث الشكل.
ولهذا فقد سبق أن أشرنا إلى قاعدة الإسناد الخاصة بشكل العقود تعد من القواعد غير المحايدة التي لا تسعى إلى مجرد إدراك عدالة شكلية باختيار القانون الأوثق صلة بالعلاقة العقدية، وإنما هي تهدف أيضا إلى تحقيق نتيجة موضوعية محددة وذلك باختيار القانون الذي يؤدي تطبيقه على صحة العقد عملا بحكمة الإسناد وهي التيسير على المتعاقدين.
ومن هنا يتبين لنا تحديد مقصود فكرة شكل التصرفات:
مادام أن المشرع قد ميز في الإسناد بين شكل التصرفات وموضوعها فإنه يتعين بداهة أن يحدد المقصود بفكرة الشكل التي تخضع لقانون بلد الإبرام أو قانون الموطن المشترك أو الجنسية المشتركة للمتعاقدين.
وغنى عن البيان أن مشكلة التفرقة بين شكل التصرف وموضوعه لا تثور في مصر أمام القضاء فيما إذا أفرغ التصرف في الشكل المقرر في القانون الذي يسري على الموضوع إذ أن التصرف في مجموعة يخضع في هذه الحالة سواء من حيث الشكل أو من حيث الموضوع لقانون واحد.
وقبل أن نتصدى لتحديد المقصود بفكرة شكل التصرف والتفرقة بينها وبين موضوعه، يحسن أن نستبعد أولا بعض المسائل التي يؤدي وصفها بأنها من مسائل الشكل إلى الخلط بينها وبين فكرة شكل التصرف على المعنى الذي نقصده في هذا المجال.
المبحث الثاني: مجال إعمال قاعدة الشكل في القانون الدولي الخاص
المطلب الأول: مجال تطبيقها في الأحوال الشخصية
كانت مسألة تحرير الوصية هي التي أثارت عند المدرسة الإيطالية القديمة تبحث موضوع الشكل فقد عمل أحد سكان مدينة "مودين" وصية وهو في مدينة فينيس وقانون المدينة الأولى يستلزم لصحة عمل الوصية حضور سبعة شهود، بينما يستلزم قانون المدينة الثانية حضور ثلاثة فقط. وقد قرر القضاء في مدينة فينس صحة هذه الوصية مادامت قد تمت صحيحة في مكان عملها، وكان ذلك سببا في تعميم الحكم على كل التصرفات القانونية في وضع قاعدة لوكس "locus regit actum "، غير أن فقهاء المدرسة الإيطالية القديمة كانوا يقولون بتطبيق هذه القاعدة على كل التصرفات موضوعا وشكلا، حتى جاء ديمولان وفصل بين الشكل والموضوع وقصر تطبيق القاعدة المذكورة على الشكل الخارجي للتصرف بينما أخضع الموضوع لقانون الإرادة.
ومنذ هذا التاريخ اقتصرت القاعدة على الشكل الخارجي للتصرف وأخذت بها أغلب تشريعات العالم خاصة بما يتعلق بالأحوال الشخصية.
ولقد أخذ القانون الجزائري كالقوانين العربية باعتبار هذه القاعدة اختيارية فنصت المادة 19 من القانون المدني على ما يلي: " تخضع العقود ما بين الأحياء في شكلها لقانون البلد الذي تمت فيه، ويجوز أن تخضع للقانون الوطني المشترك للمتعاقدين"[6].
والحكمة في إخضاع شكل التصرف لقانون المحل هو ملائمة الشكل المحلي لسلامة المعاملات بين الناس إذ أن قواعد هذا الشكل تكون بالضرورة سهلة المعرفة لدى المتعاقدين واقرب منالا لهم، لاسيما إذا ما اقتضى الأمر أن يتقدموا على من يقومون في هذا المحل بتحرير العقود، وإذا احترم المتعاقدون الشكل الذي يتطلبه قانون المحل كان ذلك ادعى إلى طمأنتهم على صحة تصرفاتهم وعلى سلامتها من حيث المظهر، وبما أن الاعتبار الأول في تطبيق قاعدة Locus هو تيسير المعاملات وتسهيل الحصول على ما يقضي به القانون المحلي لصحة الشكل، فإذا كان المتعاقد أن أعرف بقواعد الشكل التي يتطلبها قانون جنسيتهما المشتركة، فلهما أن يختارا تطبيق هذا القانون على شكل تصرفهما.
وأما الأشكال المكملة للأهلية Les Formes habilitantes مثل شكل الأذن للوصي أو للقيم بالتصرف، فإنها أشكال تتصل بحماية ناقصي الأهلية وتخضع لقانون جنسية هؤلاء الأشخاص.
وأما الأشكال المطلوبة لإثبات التصرف مثل تحرير الورقة كتابة أو شهادة الشهود أو إثبات التاريخ أو التوقيع أو التصديق عليه، فإن الفقه في فرنسا يدخلها في نطاق قانون المحل ويخضعهما لقاعدة Locus.[7]
المطلب الثاني: مجال تطبيقها في الأحوال المالية
ويلاحظ أن اتفاقيات جنيف المنعقدة في سنتي 1931/1932 بخصوص الأوراق التجارية القابلة للتداول قد اشترطت فيها الدول المتعاقدة أن يطبق على شكل الورقة التجارية قانون الجنسية المشتركة للأطراف المعنية في الورقة.
كما يلاحظ أن معهد القانون الدولي بمدينة (جاند) قرر في سنة 1927 أن مراعاة الشكل المقرر في القانون الذي يحكم موضوع التصرف تغني عن مراعاة الشكل المحلي.
بقيت مسألة أثير الجدل حولها هي مسألة الدمغة Les timbres أو ضرورة الكتابة على ورقة دمغة، فهل تعتبر مثل هذه الأمور داخلة في الشكل بحيث يجب أن تستوفي طبقا لقانون المحل، وبحيث لو عرضت أوراق على قاض غير قاضي هذا المحل غير مستوفاة للدمغة أو غير مكتوبة على ورق الدمغة التي يتطلبها قانون المحل فعليه ألا يقبلها؟
يقول البعض أن هذا طبيعي، فإذا عرضت على القاضي أوراق كان يجب أن تحمل طوابع دمغة أو أن تكون مدموغة أو أن تحصل عنها رسوم دمغة طبقا للقانون الذي يسري على الشكل، فيجب أن يرفضها إذا لم يعرض عليه النزاع محصل ضرائب لحساب الدولة التي حررت فيها هذه الأوراق، غير أنه يرد على هذا الاعتراض بأن التعاون الدولي من الناحية المالية أمر مرغوب فيه ولذلك تتعاون الدول على عدم ازدواج الضرائب، ولكن للقاضي الذي يعرض عليه النزاع، إذا رأى أن مثل هذه الرسوم تعتبر طبقا لقانونه فادحة وظالمة يستعمل سلاح النظام العام ويصرف النظر عنها[8].
ولقد اتفقت الدول المتعاقدة في اتفاقيات جنيف السابقة الذكر على أن يستبعدوا من تشريعاتهم جزاء البطلان أو السقوط لكمبيالة غير مستوفاة للدمغة طبقا لقانون المحل[9].
وعلى كل حال فطبقا للقاعدة العامة في التكييف يرجع إلى قانون القاضي في اعتبار ما هو شكلي وما هو موضوعي.
ومن هنا الأشكال المطلوبة لإشهار التصرفات المتعلقة بالأموال، فإنها لا تخضع لقانون الشكل وإنما تخضع لقانون موقع هذه الأموال، إذ أن الغرض من هذه الأشكال هو إعلام الغير وحماية واستقرار المعاملات المالية[10].
خاتمة. (http://www.edunetcafe.com/index.php)
و أخيرا يتضح لنا أن الراجح على أن مسألة لزوم أو عدم لزوم الدليل الكتابي لإثبات التصرف تخضع للقانون الذي يحكم شكل هذا التصرف، كما تخضع لهذا القانون أيضا قوة الدليل في الإثبات.
وعلى ذلك فإذا كان القانون الذي يحكم الشكل لا يتطلب الدليل الكتابي بينما يستلزم القانون الذي يحكم الموضوع هذا الدليل فإنه يجوز إثبات التصرف بغير الدليل الكتابي، وبالتالي عدم استلزام الدليل الكتابي الذي يتطلبه القانون الذي يحكم الشكل إذا كان قانون القاضي يسمح بإثبات التصرف بغير هذا الدليل.