sisko education
06-01-2012, 06:58 PM
بحث : تعريف القانون وفروعه الأساسية
تعريف القانون وفروعه .
القانون هو مجموعة القواعد العامة الجبرية التي تصدر عن إرادة الدولة وتُنظم سلوك الأشخاص الخاضعين لهذه الدولة أو الداخلين في تكوينها .
وتعريف القانون على هذا النحو لم يكن أمراً سهلاً بل هو اقتضى اتخاذ مواقف مُعينة بالنسبة لكثير من المسائل الدقيقة التي يثور بشأنها جدل صاخب في الفكر القانوني والفلسفي . ومن الواضح طبقاً لهذا التعريف أننا نعتبر القانون مجموعة من القواعد العامة ، ويعني هذا أننا انحزنا إلى النظرية الثُنائية التي تُفرق بين قواعد القانون من ناحية ، وبين التطبيقات غير المُـتناهية لهذه القواعد والتي تتم في صورة عقود أو أحكام قضائية أو قرارات إدارية من ناحية أخرى ، وطبقاً لهذه النظرية الثُنائية فإن اصطلاح القانون يقتصر على القواعد دون التطبيقات وذلك على خلاف النظرية الأحدية التي تعتبر اصطلاح القانون شاملاً للنظام القانوني في مجموعة بما يتضمنه من قواعد عامة أو تطبيقات خاصة . ومن الواضح أيضاً طبقاً لهذا التعريف أننا نصف قواعد القانون بأنها عامة وبأنها جبرية وبأنها تُنظم سلوك الأشخاص المُخاطبين بحكمها وهذه الأوصاف تُشير إلى خصائص القاعدة القانونية ، ويتضح من هذا التعريف كذلك أننا نعتبر قواعد القانون صادرة عن إرادة الدولة وهو ما يعني أننا نربط بين القانون وبين الدولة وهو ما لا يمكن التسليم به إلا على أساس الانحياز إلى الوضعية القانونية ضد كل النظريات غير الوضعية . ويُشير هذا التعريف إلى أن القانون يُنظم سلوك الأشخاص بطريقة جبرية أي بطريق القهر ، ولكن ما هو السبب الذي من أجله يُضحي كل شخص بحريته المُطلقة ويخضع لهذا النظام الجبري ، والبحث في كل هذه المسائل هو بحث في العلاقة بين القانون والإرادة وهو في نفس الوقت بحث في جوهر القانون .
فروع القانون
القانون العام والقانون الخاص . لا تنطبق قواعد القانون في مجموعها على علاقات ذات طبيعة واحدة بل تختلف هذه العلاقات في طبيعتها اختلافاً يُقابله تعدد في أقسام القانون وفروعه ويوجد تقسيم رئيسي لقواعد القانون هو تقسيمها بين قواعد القانون العام من ناحية ، وقواعد القانون الخاص من ناحية أخرى ، ويقوم هذا التقسيم على أساس اختلاف طبيعة العلاقات التي تحكمها قواعد كل قسم من هذين القسمين ونظراً لأن العلاقات التي تحكمها قواعد القانون هي موضوع هذه القواعد فإن التقسيم المُشار إليه يُعادل في الواقع تحديد نطاق تطبيق القانون من حيث الموضوع . وتُقسم قواعد القانون إلى قسمين رئيسيين هما القانون العام والقانون الخاص ، يتفرع منه تقسيم أخر أكثر تفصيلاً داخل كل قسم من هذين القسمين الرئيسيين . فالقانون العام يتكون من عدة فروع أبرزها القانون الدستوري والقانون الإداري ، والقانون الخاص يتكون من عدة فروع أبرزها القانون المدني .
فروع القانون العام
الفروع البارزة للقانون العام هي : القانون الدستوري والقانون الإدراي والقانون المالي وقانون التأمينات الاجتماعية والقانون الجنائي والقانون الدولي العام .
أولاً :- القانون الدستوري
القانون الدستوري هو القانون الذي يتضمن القواعد التي تُنظم كيان الدولة والسلطات الداخلة في تكوينها ( السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ) ويتضمن كذلك القواعد التي تُنظم مساهمة الأفراد في تكوين هذه السلطات عن طريق مباشرة حقوقهم في الانتخاب والترشيح وهي الحقوق التي تُسمى أحياناً الحقوق العامة أو الحقوق السياسية .
وتتصل بالقانون الدستوري كذلك دراسة الحريات العامة كحرية الرأي وحرية الصحافة وحرية الاجتماع وحرية الانتقال . وقد كان هناك اتجاه يذهب إلى أن القانون الدستوري لا يوجد في دولة تمارس الديمقراطية . وطبقاً لهذا الاتجاه نصت المادة 16 من إعلان حقوق الإنسان الصادر في سنة 1789 على أن " الجماعة التي لا تكفل الضمانات اللازمة أو التي لا تقرر الفصل بين السلطات ليس لها دستور " ، ولكن الاتجاه السائد اليوم يذهب إلى عدم الربط بين وجود القانون الدستوري وبين ممارسة الديمقراطية فالدستور يوجد في كل دولة يتم فيها الفصل بين شخص الحاكم وبين سلطة الدولة . فإذا كان الحاكم يُباشر الحكم باعتباره امتيازاً شخصياً له فلا يكون في الدولة دستور أو قانون دستوري ، أما إذا كان الحاكم لا يُباشر الحكم باعتباره امتيازاً شخصياً له بل يباشره باسم الجماعة فإن الدستور يكون موجوداً ولو كان نظام الحكم في الدولة ديكتاتورياً . والقانون الدستوري قد يكون قانوناً مكتوباً وقد يكون قانوناً عُرفياً وفي الحالة التي يكون فيها الدستور مكتوباً فيكون بجانب الدستور المكتوب عادةً عُرف دستوري . والقانون الدستوري يحتل أعلى درجة في النظام القانوني للدولة وهو لذلك يُطلق عليه اصطلاح القانون الأساسي . فهو الأساس الذي تُبني عليه القواعد القانونية العادية والفرعية . ويُلاحظ أن القانون الدستوري وإن كان يهتم بتنظيم السلطات العامة في الدولة إلا أنه يهتم أكثر بتنظيم السلطة التشريعية التي يتم عن طريقها إنشاء القواعد القانونية ولذلك إن البعض يطلق على القانون الدستوري اسم القانون البرلماني .
والجدير بالذكر أن قواعد القانون الدستوري تُثير مشكلة تتعلق بمدى فعالية الجزاء المقترن بها .
ثانياً :- القانون الإدراي
القانون الإداري فرع من فروع القانون العام ، ويتضمن القواعد التي تُنظم نشاط السلطة الإدارية في المجتمع ، والمسائل التي يحكمها القانون الإدراي شديدة الصلة بتلك التي يحكمها القانون الدستوري حتى أن التفرقة بينهما تبدو في بعض الأحيان صعبة أو مُصطنعة ، ويُمكن القول بصفة عامة أنه إذا كان القانون الدستوري يهتم أكثر بنشاط السلطة التشريعية فإن القانون الإداري يهتم أكثر بنشاط السلطة التنفيذية التي يُطلق عليها أحياناً اسم السلطة الإدارية . ويتضمن القانون الإدراي القواعد الخاصة بإنشاء وتنظيم سير المرافق العامة كمرفق التعليم والصحة والدفاع … ألخ .
ويتضمن القانون الإداري كذلك القواعد المتعلقة بالإدارة المحلية وهي القواعد المتعلقة بالأشخاص المعنوية الإقليمية كالمحافظات والمراكز والقُرى . ويتضمن القانون الإداري أيضاً القواعد المتعلقة بالأشخاص العامة الأخرى غير الإقليمية كالوزارات والهيئات العامة والمؤسسات العامة . ويُلاحظ أن المؤسسات العامة هي أشخاص عامة لا تتولى إدارة مرافق عامة بالمعني التقليدي لهذا الاصطلاح ولكنها تتولى إدارة نشاطات اقتصادية وتجارية وصناعية وزراعية تهدف من ورائها إلى الإسهام في خطة التنمية الاقتصادية للدولة وكذلك تحقيق الربح وهذه النشاطات كانت تتولاها من قبل مشروعات تجارية مملوكة ملكية خاصة وأصبحت تتولاها الآن في كثير من الدول مشروعات عامة مملوكة لشركات القطاع العام وهي الشركات التي تُشرف عليها المؤسسات العامة .
ويطلق البعض على قواعد القانون الإداري التي تتعلق بالمؤسسات العامة اصطلاح القانون الإداري الاقتصادي وهو فرع جديد أُضيف إلى القانون الإداري التقليدي . ومع ذلك فإن أساتذة القانون التجاري في مصر لا زالوا يدرسون نظام المؤسسات العامة ضمن موضوعات القانون التجاري ولا شك أن مسلكهم هذا يُبرر اعتبار القانون التجاري مع أو من الفروع المختلطة على النحو الذي سنراه . ويتضمن القانون الإداري القواعد الخاصة بالموظفين والعاملين في الحكومة والإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة ويتضمن القانون الإدراي كذلك القواعد الخاصة بالقضاء المختص بالنظر في المنازعات الإدارية ويتضمن القانون الإدراي أيضاً قواعد الإجراءات والمرافعات أمام القضاء المذكور .
ثالثاً :- القانون المالي
القانون المالي هو في حقيقته فرع من فروع القانون الإداري ، ولكن نظراً لأهميته وكثرة قواعده فقد استقل وأصبح فرعاً قائماً بذاته يندرج تحت القانون العام . والقانون المالي ينقسم إلى قسمين : الأول عام ويشمل القواعد العامة المتعلقة بالإدارة المالية للدولة وهي القواعد الخاصة بالميزانية والضرائب والدين العام ، ويلاحظ أن هذه القواعد تتصل بعلم الاقتصاد ذلك أن الحياة الاقتصادية في المجتمع تتأثر في السياسة المالية للدولة من حيث الزيادة أو الانكماش في الإنفاق العام أو القروض العامة الوطنية أو الأجنبية . أو زيادة الضرائب أو الإعفاء منها … ألخ ، ويطلق على هذه القواعد اصطلاح علم المالية أو اقتصاد التشريع المالي
أما القسم الثاني فهو قسم وضعي تطبيقي يتضمن الأحكام التفصيلية للضرائب المختلفة المباشرة منها وغير المباشرة وكذلك الرسوم الجمركية ورسوم التسجيل والدمغة وهذه التشريعات أصبحت تُكون في فرنسا تقنيناً جديداً هو التقنين الضريبي ولكنها لا زالت في مصر تشريعات مُـتفرقة وإن كانت تُشكل في مجموعها فرعاً مُستقلاً من الفروع القانونية ، هو القانون المالي أو القانون الضريبي . ورغم أن القانون الضريبي يُعتبر من فروع القانون العام إلا أن دراسة أحكامه تقتضي معرفة الكثير من قواعد القانون الخاص ، وعلى سبيل المثال فإن الأحكام الخاصة برسوم الدمغة والتسجيل تقتضي معرفة الأحكام الخاصة بالعقود والميراث والهبات والتصرفات الناقلة للملكية بصفة عامة وكذلك فإن الضرائب المفروضة على الشركات تقتضي العلم بالقواعد التجارية التي تُنظم هذه الشركات .
رابعاً :- قانون التأمينات الاجتماعية
قانون التأمينات الاجتماعية هو فرع جديد من فروع القانون ظهر لأول مرة في ألمانيا في عهد مُستشارها الشهير بسمارك سنة 1883 ، وانتقل منها بعد ذلك إلى الدول الأخرى ومنها مصر التي أدخلت هذا النظام لأول مرة بمقتضى القانون رقم 92 لسنة 1959 الذي أُلغي وحل محله القانون رقم 63 لسنة 1964 ثم القوانين رقم 79 – 1975 – 35 – 77 – 93 – 1980 ، ونظام التأمينات الاجتماعية هو نظام عمالي لا يستفيد منه بحسب الأصل سوى العمال الذين يُحددهم القانون . واستفادة العمال بهذا القانون ليست دون مقابل بل هي مقابل اشتراكهم لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية المُشرفة على تطبيق هذا القانون وقيامهم بدفع أقساط سنوية محسوبة بنسبة معينة من مرتب كل منهم وفي هذا يتفق نظام التأمينات الاجتماعية مع نُظم التأمين العادي والتجاري ولكن الفارق بينهما يظهر بصفة أساسية في أن التأمينات الاجتماعية لها صفة إلزامية فكل الأشخاص الذين ينطبق عليهم القانون يلتزمون بالتأمين من المخاطر التي تهددهم والتزامهم بدفع أقساط التأمين لا ينشأ عن عقد يبرمونه مع الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ولكنه ينشأ مباشرة عن القانون وكذلك فإن أصحاب الأعمال سيُسهمون مع العمال في دفع هذه الأقساط .
وتتمتع الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في تحصيل أقساط الاشتراك بكل مميزات السلطة العامة وأهمها الحجز الإداري المباشر ويكون للمبالغ المستحقة للهيئة امتياز المبالغ المستحقة للخزانة العامة . وكذلك ما أن ميزانية الهيئة تلحق بالميزانية العامة للدولة . وتعتبر أموال الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية من الأموال العامة وتُعفى أموال الهيئة الثابتة والمنقولة وجميع عملياتها الاستثمارية مهما كان نوعها من جميع أنواع الضرائب والرسوم والعوائد ويخضع موظفو الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لنفس النظام القانوني الخاص بموظفي الدولة وتوجد في مصر ستة أنواع من التأمينات الاجتماعية هي : التأمين ضد إصابات العمل والتأمين الصحي وتأمين البطالة وتأمين العجز وتأمين الشيخوخة وتأمين الوفاة وإذا تحقق للمُؤمن له أي خطر من المخاطر المُشار إليها ينشأ له حق مباشر من القوانين من مواجهة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية إما في الحصول على تعويض أو الحصول على معاش أو الحصول عليهما معاً .
ويتضح من كل ذلك أن العلاقات التي يُنظمها قانون التأمينات الاجتماعية تقوم دائماً بين الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية باعتبارها هيئة ذات سلطة عامة وبين الأفراد ولا شك أن القانون الذي يحكم مثل هذه العلاقات هو فرع من فروع القانون العام خاصة وأن هذا القانون لا يحكم أي علاقة أخرى لا تكون الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية طرف فيها .
ويلاحظ أن قانون التأمينات الاجتماعية إذا كان بحسب أصله لا ينطبق إلا على العمال فإنه من الممكن أن يتطور فيمتد إلى غيرهم من فئات الشعب بل يمكن أن يمتد إلى كل مواطن في الدولة . وفي هذا الحال الأخير فإنه يكف عن أن يكون قانوناً للتأمينات الاجتماعية ليصبح قانوناً للضمان الاجتماعي .
والتأمينات الاجتماعية هي خطوة في طريق الضمان الاجتماعي . والفارق بينهما أن التأمينات الاجتماعية تحمى العمال فقط بوصفهم هذا أما الضمان الاجتماعي فهو يحمى الإنسان بوصفه إنساناً وبغض النظر عن المكان الذي يشغله في المجتمع وبغض النظر عن إسهامه أو عدم إسهامه في تمويل النظام الذي يكفل له الحماية والأمان . ومن المشاهد أن المشرع المصري بدأ يخرج الآن عن النطاق المحدود للتأمينات الاجتماعية إلى مجال الحماية الشاملة للضمان الاجتماعي ومع ذلك فلا زال الأمل في الوصول إلى هذا الهدف بعيد المنال نظراً لحالة التخلف الاقتصادي التي تعاني منها البلاد
خامساً :- القانون الجنائي
ينقسم القانون الجنائي إلى قسمين الأول هو قانون العقوبات والثاني هو قانون الإجراءات الجنائية .
أولاً : قانون العقوبات :- فهو الذي يتضمن القواعد التي تحدد الأفعال التي يعتبرها القانون جرائم وتحدد العقوبات المنصوص عليها كجزاء عن ارتكاب هذه الأفعال وبحسب تدرج الجريمة في الخطورة تتدرج العقوبة في الشدة والجرائم من ثلاثة أنواع مختلفة أخطرها الجنايات وأبسطها المخالفات وبينهما الجُنح والعقوبات عن ارتكاب هذه الجرائم هي الغرامة أو الحبس أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الأشغال الشاقة المؤقتة أو الإعدام .
ومن أهم المبادئ المقررة في قانون العقوبات مبدأ أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وهو من أهم المبادئ الأساسية للقانون المنصوص عليها في مواثيق حقوق الإنسان وفي معظم الدساتير في الدول الحديثة ومؤدى هذا المبدأ أن الأصل في الأفعال الإباحة وأنه لا يُعاقب على ارتكاب فعل إلا بمقتضى نص تشريعي فليس للعرف في القوانين الحديثة أن يجرم الأفعال أو أن يقرر عقوبات على ارتكابها ومؤدى هذا المبدأ أيضاً أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون فقوانين العقوبات ليس لها أثر رجعي بالنسبة للأفعال التي ارتُكبت قبل نفاذها وعدم رجعية القوانين مُقررة بنص دستوري لا يجوز للقوانين العادية أن تُخالفه . ويذهب جانب من الفقه في فرنسا إلى اعتبار قانون العقوبات من فروع القانون المختلطة بدليل أن معظم الجرائم المعاقب عليها خاصة في وقت السلم هي جرائم مرتكبة ضد حقوق الأفراد الخاصة ويهدف قانون العقوبات إلى حماية هذه الحقوق وتحقيق الأمان لصاحبها وكذلك فإن المجني عليه يستطيع في بعض الجرائم تحريك الدعوى الجنائية وهي ما يُسمى بالدعوة المباشرة ولا يجوز في بعض الجرائم الأخرى تحريك الدعوى العمومية إلا بموافقة شخص معين بالذات كما يحق لهذا الشخص إعفاء مرتكب الجريمة من العقوبة التي صدرت ضده فعلاً كما هو الشأن في جريمة الزنا التي يرتكبها أحد الزوجين .
ومع ذلك فإن هذا الرأي وإن كان يتفق مع بعض القوانين القديمة مثل القانون الروماني الذي كان يفرق بين الجرائم الخاصة التي ترتكب ضد الأفراد والجرائم العامة التي ترتكب ضد الدولة فإنه لم يعد متفقاً مع القوانين الحديثة التي أصبحت تعتبر كل الجرائم عامة بمعني أنها موجهة ضد أمن المجتمع والنظام السائد فيه . وبالتالي فإن توقيع العقوبة عن ارتكابها مُتعلق بحق المجتمع كما وأن الدعوى الجنائية تباشرها النيابة العامة باعتبارها مُمثلة للمجتمع ويُطلق على هذه الدعوى اصطلاح الدعوى العمومية تعبيراً عن هذه الفكرة ذاتها أما الحالات النادرة التي تلعب فيها إدارة المجني عليه دوراً في تحريك الدعوى الجنائية أو عدم تحريكها أو الإعفاء من العقوبة المحكوم بها فهي حالات استثنائية وكما يقال فإن الاستثناء يؤكد القاعدة .
وفي الأغلبية الساحقة من الجرائم فإن رضاء المجني عليه بارتكاب الجريمة قبل وقوعها لا يعتبر سبباً من أسباب الإباحة كما أن تصالح المجني عليه مع مرتكب الجريمة بعد وقوعها لا يؤثر في واجب النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية وتعهدها أما المحاكم الجنائية ومتابعة تنفيذ المحكوم بها .
ثانياً : قانون الإجراءات الجنائية :- يتضمن قانون الإجراءات الجنائية والشكلية القواعد الواجب اتباعها منذ وقوع الجريمة إلى أن يتم تنفيذ الحكم الصادر فيها ويشمل ذلك القواعد المتعلقة بالتحقيق في الجريمة والجهة المختصة بإجرائه والحبس الاحتياطي للمتهم ومدته وكيفية الطعن فيه وتفتيش المتهم أو تفتيش منزله وكيفية إحالة المتهم إلى المحكمة الجنائية المختصة والإجراءات المتبعة في المحاكمة كسماع الشهود والخبراء والانتقال للمعاينة وسماع الدفاع والنيابة العامة . وكيفية صدور الحكم والنطق به والطعن به وطريق المعارضة أو الاستئناف أو النقض أو غير ذلك وكذلك كيفية تنفيذ الأحكام الجنائية النهائية وكذلك قواعد التقادم سواء الخاصة بالدعوى العمومية ذاتها أو الخاصة بالحكم الصادر فيها . ومن مجموع قواعد قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية يتكون القانون الجنائي باعتباره فرعاً من فروع القانون العام المتعلقة بحق السيادة في الدولة .
سادساً :- القانون الدولي العام
كما نعلم أن القانون ما هو إلا صباغة تنظيمية للحاجات والنشاطات الإنسانية تستوجب وضع أنظمة وقواعد تنظم السلوك الاجتماعي يُطلق على مجموعها تعبير القانون ، ونلاحظ أن النشاطات الإنسانية لا تقتصر على نشاطات الأفراد في داخل الدولة بل تتعداها إلى علاقات الدول فيما بينها ، وعليه فإنه يستلزم أن تكون هناك قواعد وأنظمة قانونية تُحدد حقوق وواجبات الدول في علاقاتها ببعض وتلك القواعد القانونية تُعرف باسم القانون الدولي العام .
هذا التعريف الضيق للقانون الدولي العام بأنه القانون الذي يحكم العلاقات بين الدول المستقلة نصت عليه المحكمة الدائمة للعدل في قضية اللوتس عام 1927 .
International law governs relations between independent states .
وكما قلنا سابقاً بأن القانون يعكس الحاجات والضرورات التي توجد في المجتمع فإن الضرورة والتطور الذي حدث في المجتمع الدولي أدى إلى وضع تعريف موسع للقانون الدولي العام بحيث يشمل المنظمات الدولية بجانب الدول المستقلة ، وعليه فإنه يمكن تعريف القانون الدولي العام بأنه مجموعة القواعد القانونية الدولية الاتفاقية والعرفية التي تحكم علاقات الدول فيما بينها والمنظمات الدولية أيضاً .
ولكن ما هي طبيعة القانون الدولي ؟ هل القانون الدولي العام قانون ؟
يُنكر بعض الفقهاء على القانون الدولي صفة القانون بعكس ما هي الحال بالنسبة للقانون الداخلي . ذلك لأن القانون الدولي أقل فاعلية من القانون الداخلي إذا نظرنا إليهما من زاوية المؤيدات فكثير من المخالفات التي يرتكبها أشخاص القانون الدولي لا يمكن توقيع الجزاء عليهم بسببها لتعارض الجزاء مع مبدأ السيادة ويستند الفقه في ذلك على أفكار فلسفية بعيدة عن طبيعة قواعد القانون الدولي والعلاقات التي يحكمها . لذلك فإن السؤال الذي يُثار الآن هو : هل القانون الدولي العام قانون ؟ في الرد على هذا التساؤل السابق ظهرت مدرستان :
يري أنصار المدرسة الأولى أن قواعد القانون الدولي ليست إلا قواعد أخلاقية ، وبالتالي فإن خرقها أو عدم اتباعها من قبل إحدى الدول يؤدى إلى إثارة حفيظة الضمير العالمي ولا تترتب عليه مسئولية قانونية . ويستند هؤلاء الفقهاء إلى فكرة أن القانون يستلزم أن يكون صادراً عن سلطة سياسية عُليا تُمكنها من تنفيذ هذه القواعد عند الحاجة بمعني أنه يجب أن تصدر عن سلطة تشريعية ويكون لها جزاء لأن الجزاء هو الذي يجعل من القانون حقيقة واقعة ، وطبقاً لهذه المدرسة فإن القانون الدولي ليس بقانون طالما أنه لا توجد سلطة سياسية عُليا فوق الدول يُمكنها أن تطبق قواعد القانون الدولي على الدول عند الالتزام بها وتوقيع الجزاء عليها كما هو الوضع في القانون الداخلي .
أما فقهاء المدرسة الثانية فإنهم يرون بأن قواعد القانون الدولي تتمتع بالصفة القانونية باعتبار أن المعاهدات تُقابل التشريع في القانون الداخلي وأن القرارات الصادرة عن الجمعية العامة تُعتبر مثل التشريع الصادر عن السلطة التشريعية ، ومع ذلك فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة ليس لها الصلاحية لإصدار قوانين ولا حتى قرارات مُلزمة إلا فيما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة . وفيما عدا ذلك فقراراتها غير مُلزمة قانوناً في رأي كثير من فقهاء القانون الدولي إلا أن هناك من يري أن تلك القرارات مُلزمة للدول الأعضاء في المنظمة الدولية .
فروع القانون الخاص
الفروع البارزة للقانون الخاص هي القانون المدني والقانون الزراعي والقانون التجاري البحري والقانون التجاري التقليدي .
أولاً :- القانون المدني
تُعتبر دراسة القانون المدني دعامة الدراسات القانونية كلها ذلك أنه ، أي القانون المدني يُعتبر في نفس الوقت صُلب القانون الخاص بل صُلب القانون عُموماً فهو أقدم القواعد القانونية التي عرفتها البشرية في صورتها الفردية الأولى ، وما كل فروع القانون الأخرى التي استقلت عنه فيما بعد والتي لحقتها أوصاف خاصة بها إلا " أفرع " نبتت من جذرة ثم ترعرعت ثم انفصلت ، ونظرة إلى التطور التاريخي نُزكي هذه الفكرة ونُؤكدها فالإنسان إذا اختلط بغيره من بني الإنسان كان في حاجة إلى قواعد تحكم هذه الصورة من الاختلاط البدائي . نحكم اختلاطه مع بني جنسه من الإناث في زواجه ثم بعد ذلك شعر بوجوب قيام سلطة تحميه فنبتت القواعد التي تُسمى بالقانون العام ثم ازداد نشاطه وتعدد وتعقد وحدثت بشأنه مُنازعات يجب حلها فنبتت قواعد تستوجب لكل هذه الظواهر وتعالجها فوجدت فروع القانون التجاري والبحري والمرافعات ثم بقية فروع القانون العام . ولم يقف التطور عند هذا الحد لأن التطور من جوهر الحياة فكلما بدت ظواهر جديدة طبقت عليها مجموعة من قواعد القانون المدني ثم انسلخت هذه المجموعة وتحورت وأصبحت فرعاً مُستقلاً كقانون العمل والتشريعات الصناعية والزراعية ، وما إلى ذلك . وعلاقة الأُبوة بين القانون المدني وغيره من بقية فروع القانون أخفت عليه خصيصة في منتهى الأهمية ألا وهي أنه يعتبر الشريعة العامة أو القانون الأصل بالنسبة لعلاقات الناس ، بمعنى أنه لو خضعت علاقة معينة لأحكام فرع من فروع القانون الأخرى وليكن القانون التجاري أو القانون الإداري مثلاً وكانت هذه الأحكام ناقصة أو غامضة فإنه يرجع في هذه الحالة إلى قواعد القانون المدني ليكمل النقص أو ليزيل الغموض ويعتبر القانون المدني الشريعة العامة بالنسبة للعلاقات القانونية في معنى أخر ذلك أنه كلما عرضت علاقة قانونية خاصة لم تكن معروفة من قبل فإن أول نطاق يتجه إليه الذهن ليبحث فيه عن حل لهذه العلاقة هو نطاق القانون المدني فالقانون المدني إذاً يتبنى العلاقات الجديدة لتزدهر في ظله ويكتمل تنظيمها ثم يحدث أن تتمرد هذه الظاهرة الجديدة على هذه الأُبوة وتستقل بقواعدها وتلك سُنة الحياة .
تعريف القانون المدني :- ولعل الأفكار المُتقدمة هي التي جعلت تعريف القانون المدني تعريف عن طريق الاستبعاد وليس تعريف بالمعني العلمي الدقيق وإذا نحن بدأنا من العهد الأول للقانون الروماني وجدنا القانون المدني كان يحوى القواعد التي تنطبق على علاقات المواطنين فقط أو الذين يتمتعون بصفة المواطن في مدينة روما وذلك بالمقابلة مع قواعد أخرى كانت تُسمى بقانون الشعوب وبعد أن تقرر إزالة التفرقة بين المواطن والأجنبي فيما يتعلق بنوع القاعدة التي تنطبق بمقتضى القانون الشهير الذي أصدره كراكلا في سنة 212 م ، والذي يُعرف باسمه بعد ذلك ، جمعت قواعد القانون المدني في الـ Corpus Juris Civilis وأخذ مدلوله في الاتساع حتى أصبح يُرادف القانون الخاص في العصور الوسطى وُعرف بمجموعة القواعد التي تُطبق على حياة الناس الخاصة وعلاقاتهم الفردية ، أما في الوقت الحاضر فقد ضاق مفهوم القانون المدني إذ – كما سبق من القول – انسلخت منه عدة قواعد مكونة مجموعات مُستقلة ولذلك اتجه الفقه إلى تعريفه بأنه : مجموعة القواعد الموضوعية التي تُنظم العلاقات الخاصة إلا ما يدخل منها في نطاق فرع أخر من فروع القانون الخاص ، ولكن إذا أردنا التحديد أكثر لهذا التعريف ، أمكن القول بأن القانون المدني هو مجموعة القواعد التي تتعلق بحياة الفرد باعتباره فراداً وعضواً في أُسرة بصرف النظر – بصفة عامة – عن أي اعتبار منهى أو انتمائه إلى مجموعة اجتماعية غير الأسرة .
ثانياً :- القانون التجاري التقليدي
القانون التجاري التقليدي يشمل القواعد التي تتعلق بالتجارة أو بالتجار والتجارة لها جو خاص يقتضي وجود قواعد خاصة لها متميزة عن قواعد القانون المدني والجو الخاص للتجارة يقوم أساساً على فكرة السرعة والثقة والسرعة في إبرام العمليات التجارية اقتضت وضع قواعد سهلة للإثبات في المواد التجارية يجوز بمقتضاها إثبات هذه العمليات بكافة طرق الإثبات دون اشتراط بالكتابة في كل نزاع تزيد قيمته على عشرين جنيها أو يكون غير محدد القيمة وكذلك فإن السرعة في المعاملات التجارية اقتضت الاستعانة بنوع مبالغ فيه من الشكلية كتلك المتعلقة بالأوراق التجارية " الكمبيالة والشيك " والشكلية هنا لا تؤدى إلى التعقيد بل على العكس توفر الكثير من الجهد الذي كان من الواجب بذله في إبرام العقود وفي تحريرها . ويقتصر القانون التجاري التقليدي على تنظيم العلاقات التجارية فلا تدخل في نطاقه العلاقات الزراعية أو العقارية أو الصناعية أو المهنية أو العلاقات بين العمال وأرباب الأعمال ومع ذلك فقد حدث تطور هائل في القانون التجاري في الوقت الحاضر جعله يمتد إلى ما يسمى بالمشروعات العامة وهي مشروعات القطاع العام التي تباشرها في مصر المؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها ولا شك أن القواعد التي تحكم المؤسسات العامة هي جزء من قواعد القانون الإداري وهو ما يطلق عليه اصطلاح القانون الإداري الاقتصادي .
فالقانون التجاري التقليدي هو وحده الذي يُعتبر من فروع القانون الخاص . وهكذا فإن القواعد التي تحكم المؤسسات العامة إذا أُلحقت بالقانون الإداري أُطلق عليها اسم القانون الإداري الاقتصادي ، وإذا أُلحقت بالقانون التجاري أُطلق عليها اصطلاح القانون التجاري العام .
ونظراً لأن أساتذة القانون التجاري في مصر يتمسكون بدراسة قواعد المؤسسات العامة ضمن برامج القانون التجاري فإنه تترتب على ذلك ضرورة القول بأن القانون التجاري المصري يتكون من جزئين ، أحدهما خاص وهو القانون التجاري التقليدي ، وثانيهما عام وهو قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام ومن هذين الجزئين يتكون القانون التجاري بالمعني الواسع أو بالمعني الجديد وهو فرع من فروع القانون المختلطة ومع ذلك فنحن نميل إلى اعتبار نظام المؤسسات العامة فرعاً من فروع القانون الإداري مع قصر القانون التجاري على المعني التقليدي لهذا الاصطلاح
ثالثاً :- القانون التجاري البحري
يلعب البحر دوراً هاماً في حياة الشعوب فهو إلى جانب كونه مصدراً هائلاً للمواد الأولية والثروات الحيوانية يشكل وسيلة هامة وحيوية للمواصلات تسهل انتقال البضائع والثروات والأشخاص وقد أصبحت التجارة الدولية في عصرنا الحاضر تلعب الدور الأهم في الحياة الاقتصادية العالمية ويأتي البحر ليساهم بقسط وفير في إنمائها وازدهارها . وبفضل هذا الدور الكبير الذي يلعبه البحر فقد نشأت بين الشعوب والأفراد علاقات حقوقية من نوع خاص متنوعة ومتشعبة استدعت وضع تنظيم حقوقي ناظم لها يتفق ومعطياتها ومشكلاتها وهو ما اضطلعت به الحقوق البحرية فالحقوق البحرية إذاً تضم القواعد الحقوقية المنظمة للعلاقات الحقوقية التي تنشأ في معرض استعمال واستثمار الأفراد والدول للبحر سواء كانت هذه العلاقات في حالة السلم أم في حالة الحرب وسواء كانت علاقات تتصل باستثمار موارده أم باستعماله وسيلة للاتصالات والمواصلات .
أقسام الحقوق البحرية :- جرى الفقه على تقسيم القواعد الحقوقية إلى قسمين رئيسيين هما الحقوق العامة وتتولى تنظيم الدولة وأجهزتها والعلاقات القائمة بينها وبين الأفراد والحقوق الخاصة وتنظم العلاقات بين الأفراد . والحقوق البحرية تقسم بدورها إلى قسمين رئيسيين أيضاً حقوق بحرية عامة وحقوق بحرية خاصة .
الحقوق البحرية العامة . تضم الحقوق البحرية العامة العلوم التالية :-
الحقوق الدولية العامة البحرية :- وتتولى تنظيم العلاقات التي تنشأ بين الدول في معرض استعمالها واستثمارها المشترك للبحر وأهم الموضوعات التي يبحثها هذا الفرع من الحقوق مشاكل المياه الإقليمية وحرية الملاحة في البحر وتنظيم الملاحة .
الحقوق الإدارية البحرية :- وتضم القواعد الحقوقية المنظمة للعلاقات التي تنشأ بين الدولة ورعاياها من المشتغلين بالأعمال التي لها صلة بالبحر فهي تبحث بشكل خاص بالمرافئ وتنظيمها واستثمارها وإدارتها ومشاكل الصحة فيها وبكل ما يتصل بتجهيز السفن وسلامتها وجنسيتها واكتساب الحقوق عليها والإشراف على صلاحها للملاحة . ومن جهة ثانية يهتم القانون الإداري البحري بتحديد المؤهلات التي يجب توفرها لدى كل فئة من العاملين على السفن وتبين التزاماتهم وحماية حقوقهم .
الحقوق الجزائية البحرية :- وتبحث في العقوبات التي تطبق على المخالفة لأنظمة المرافئ وللملاحة البحرية وكل ما يكفل حماية الأمن والنظام في المرافئ أو في السفن .
الحقوق البحرية الخاصة :- وتضم القواعد الحقوقية التي تنظم العلاقات البحرية التي تنشأ بين الأفراد وفي جانب من علاقاتهم مع الدولة ويضم هذا القسم الفروع التالية :-
الحقوق الدولية الخاصة البحرية :- وتنظم العلاقات الحقوقية بين الأفراد حين يكونون من جنسيات مختلفة وتفصل كذلك في مشاكل تنازع القوانين بين الدول المختلفة وتحدد القانون الواجب التطبيق . هذا وتحتل الدراسات الحقوقية الدولية البحرية الخاصة مكانة كبيرة في الحياة العملية وذلك نظراً لتنوع العلاقات الحقوقية التي تنشأ بين أشخاص من جنسيات مختلفة .
الحقوق التجارية البحرية :- وتضم القواعد الحقوقية التي تنظم التجارة البحرية وتدور كلها حول السفينة كعمارة بحرية والمشتغلين عليها وعقود استثمارها وطريقة رهنها وضمانها وضمان البضائع والمسافرين وغير ذلك من علاقات .
رابعاً :- القانون الزراعي
القانون الزراعي ظل إلى وقت قريب جزءاً لا يتجزأ من القانون المدني سواء من ناحية ملكية الأرض الزراعية أو استغلالها . ولكن حدث بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي في مصر وهو القانون رقم 178 لسنة 1952 أن توالت التشريعات التي تنظم الملكية الزراعية والمعاملات الزراعية على نحو يختلف كثيراً عن القواعد المقررة في القانون المدني وأصبحت هذه التشريعات في مجموعها تُكون فرعاً مُستقلاً من فروع القانون الخاص هو القانون الزراعي . وقد عُنيت كليات الحقوق أخيراً بتدريس القانون الزراعي بصفة مستقلة عن القانون المدني وبدأت تظهر في الفقه المصري مؤلفات تحمل اسم القانون الزراعي . ويشمل القانون الزراعي القواعد المتعلقة بالحد الأقصى للملكية الزراعية سواء ملكية الفرد أو ملكية الأسرة . والقواعد المتعلقة بالحد الأقصى لحيازة الفرد أو لحيازة الأسرة والقواعد المتعلقة بالحد من تجزئة الملكية الزراعية ، ويشمل كذلك القواعد المتعلقة بعدم جواز التنفيذ على الملكية الزراعية الصغيرة وحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وتخفيض الضرائب أو الإعفاء منها بالنسبة لصغار ملاك الأراضي الزراعية وحقوق العامل الزراعي ونظام الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة . ونظام التعاون الزراعي واستغلال الأرض الزراعية عن طريق تأجيرها بأجرة نقدية أو بطريق المُزارعة .
ويشمل القانون الزراعي كذلك القواعد المتعلقة باللجان القضائية المختصة بالفصل في المنازعات الناشئة عن تحديد الملكية . وغير ذلك من المسائل الأخرى المنصوص عليها في قانون الإصلاح الزراعي ويشمل كذلك القواعد المتعلقة بلجان الفصل في المنازعات الزراعية وهي اللجان المختصة بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن عقد إيجار الأرض الزراعية .
ويُلاحظ أن معظم قواعد القانون الزراعي قواعد آمرة تتعلق بالنظام العام ومع ذلك فإن القانون الزراعي يعتبر فرعاً من فروع القانون الخاص لأنه ينظم علاقات خاصة بين الأفراد وذلك فيما عدا بعض الأحكام القليلة كتلك المتعلقة بالضرائب الزراعية وبعض الأحكام الوقتية كتلك المتعلقة بالاستيلاء على الأراضي الزائدة عن الحد الأقصى والتي تُعتبر من قواعد القانون العام لأنها تُنظم علاقات تدخل فيها الدولة طرفاً باعتبارها صاحبة السيادة في المجتمع ولكن هذه القواعد القليلة أو الوقتية لا تؤثر في صفة القانون الزراعي الخاصة المستمدة من معظم قواعده .
بالإضافة إلى فروع القانون العام وفروع القانون الخاص توجد ( فروع القانون المختلطة ) وأبرز فروع القانون المختلطة هي قانون العمل وقانون المرافعات المدنية والتجارية والقانون الدولي الخاص ، وسوف أتحدث بإيجاز عن كل فرع من فروع القانون المختلطة :-
أولاً :- قانون العمل
قانون العمل هو وليد الثورة الصناعية وظهور طبقة عمال الصناعة الكادحين وكان التقنين المدني الفرنسي يطلق على عقد العمل اسم عقد إيجار الأشخاص على أساس أن العامل يؤجر نفسه كما تؤجر السلعة وكانت أجرة العامل يحددها قانون العرض والطلب . كما أن شروط عقد العمل الأخرى كانت تتحدد وفقاً لمبدأ سلطان الإرادة دون أي تدخل من جانب الدولة . وقانون العمل يتكون من قسمين الأول خاص بنظام العاملين في القطاع الخاص ، والثاني يتعلق بنظام العاملين في القطاع العام وبالجمع بينهما يعتبر قانون العمل من فروع القانون المختلطة والتي تجمع بين قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص …(*) .
ثانياً :- قانون المُرافعات المدنية والتجارية
يُطلق عليه اصطلاح القانون القضائي الخاص وهو القانون الذي يُنظم إجراءات التقاضي أمام المحاكم المدنية والتجارية وينظم كذلك ترتيب المحاكم واختصاصاتها .
وبالجمع بين القواعد التي تنظم إجراءات التقاضي وتلك التي تنظم السلطة القضائية يتكون قانون المرافعات بالمعني الواسع وهو فرع من فروع القانون المختلطة(*) .
ثالثاً :- القانون الدولي الخاص. (http://www.edunetcafe.com/index.php)
يتناول القانون الدولي الخاص بصفة أساسية ما يُسمى في الاصطلاح الجاري بالروابط القانونية حيال العنصر الأجنبي وينسب اصطلاح الروابط القانونية الذي أصبح اصطلاحاً راسخاً في الفقه القانوني إلى الأستاذ ( Savigny ) ويعرف سافيني الرابطة القانونية بأنها علاقة بين شخصين أو أكثر تحكمها قاعدة من قواعد القانون وهذه العلاقة تتحلل إلى ثلاثة عناصر الأول عنصر الأشخاص والثاني عنصر الموضوع أو المحل والثالث عنصر الواقعة المنشئة للعلاقة .
ويتناول القانون الدولي الخاص مصادر القانون الدولي الخاص وطبيعة القانون الدولي الخاص وعدة موضوعات تتعلق بالأشخاص والمعاهدات والعلاقات الخاصة .
تعريف القانون وفروعه .
القانون هو مجموعة القواعد العامة الجبرية التي تصدر عن إرادة الدولة وتُنظم سلوك الأشخاص الخاضعين لهذه الدولة أو الداخلين في تكوينها .
وتعريف القانون على هذا النحو لم يكن أمراً سهلاً بل هو اقتضى اتخاذ مواقف مُعينة بالنسبة لكثير من المسائل الدقيقة التي يثور بشأنها جدل صاخب في الفكر القانوني والفلسفي . ومن الواضح طبقاً لهذا التعريف أننا نعتبر القانون مجموعة من القواعد العامة ، ويعني هذا أننا انحزنا إلى النظرية الثُنائية التي تُفرق بين قواعد القانون من ناحية ، وبين التطبيقات غير المُـتناهية لهذه القواعد والتي تتم في صورة عقود أو أحكام قضائية أو قرارات إدارية من ناحية أخرى ، وطبقاً لهذه النظرية الثُنائية فإن اصطلاح القانون يقتصر على القواعد دون التطبيقات وذلك على خلاف النظرية الأحدية التي تعتبر اصطلاح القانون شاملاً للنظام القانوني في مجموعة بما يتضمنه من قواعد عامة أو تطبيقات خاصة . ومن الواضح أيضاً طبقاً لهذا التعريف أننا نصف قواعد القانون بأنها عامة وبأنها جبرية وبأنها تُنظم سلوك الأشخاص المُخاطبين بحكمها وهذه الأوصاف تُشير إلى خصائص القاعدة القانونية ، ويتضح من هذا التعريف كذلك أننا نعتبر قواعد القانون صادرة عن إرادة الدولة وهو ما يعني أننا نربط بين القانون وبين الدولة وهو ما لا يمكن التسليم به إلا على أساس الانحياز إلى الوضعية القانونية ضد كل النظريات غير الوضعية . ويُشير هذا التعريف إلى أن القانون يُنظم سلوك الأشخاص بطريقة جبرية أي بطريق القهر ، ولكن ما هو السبب الذي من أجله يُضحي كل شخص بحريته المُطلقة ويخضع لهذا النظام الجبري ، والبحث في كل هذه المسائل هو بحث في العلاقة بين القانون والإرادة وهو في نفس الوقت بحث في جوهر القانون .
فروع القانون
القانون العام والقانون الخاص . لا تنطبق قواعد القانون في مجموعها على علاقات ذات طبيعة واحدة بل تختلف هذه العلاقات في طبيعتها اختلافاً يُقابله تعدد في أقسام القانون وفروعه ويوجد تقسيم رئيسي لقواعد القانون هو تقسيمها بين قواعد القانون العام من ناحية ، وقواعد القانون الخاص من ناحية أخرى ، ويقوم هذا التقسيم على أساس اختلاف طبيعة العلاقات التي تحكمها قواعد كل قسم من هذين القسمين ونظراً لأن العلاقات التي تحكمها قواعد القانون هي موضوع هذه القواعد فإن التقسيم المُشار إليه يُعادل في الواقع تحديد نطاق تطبيق القانون من حيث الموضوع . وتُقسم قواعد القانون إلى قسمين رئيسيين هما القانون العام والقانون الخاص ، يتفرع منه تقسيم أخر أكثر تفصيلاً داخل كل قسم من هذين القسمين الرئيسيين . فالقانون العام يتكون من عدة فروع أبرزها القانون الدستوري والقانون الإداري ، والقانون الخاص يتكون من عدة فروع أبرزها القانون المدني .
فروع القانون العام
الفروع البارزة للقانون العام هي : القانون الدستوري والقانون الإدراي والقانون المالي وقانون التأمينات الاجتماعية والقانون الجنائي والقانون الدولي العام .
أولاً :- القانون الدستوري
القانون الدستوري هو القانون الذي يتضمن القواعد التي تُنظم كيان الدولة والسلطات الداخلة في تكوينها ( السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ) ويتضمن كذلك القواعد التي تُنظم مساهمة الأفراد في تكوين هذه السلطات عن طريق مباشرة حقوقهم في الانتخاب والترشيح وهي الحقوق التي تُسمى أحياناً الحقوق العامة أو الحقوق السياسية .
وتتصل بالقانون الدستوري كذلك دراسة الحريات العامة كحرية الرأي وحرية الصحافة وحرية الاجتماع وحرية الانتقال . وقد كان هناك اتجاه يذهب إلى أن القانون الدستوري لا يوجد في دولة تمارس الديمقراطية . وطبقاً لهذا الاتجاه نصت المادة 16 من إعلان حقوق الإنسان الصادر في سنة 1789 على أن " الجماعة التي لا تكفل الضمانات اللازمة أو التي لا تقرر الفصل بين السلطات ليس لها دستور " ، ولكن الاتجاه السائد اليوم يذهب إلى عدم الربط بين وجود القانون الدستوري وبين ممارسة الديمقراطية فالدستور يوجد في كل دولة يتم فيها الفصل بين شخص الحاكم وبين سلطة الدولة . فإذا كان الحاكم يُباشر الحكم باعتباره امتيازاً شخصياً له فلا يكون في الدولة دستور أو قانون دستوري ، أما إذا كان الحاكم لا يُباشر الحكم باعتباره امتيازاً شخصياً له بل يباشره باسم الجماعة فإن الدستور يكون موجوداً ولو كان نظام الحكم في الدولة ديكتاتورياً . والقانون الدستوري قد يكون قانوناً مكتوباً وقد يكون قانوناً عُرفياً وفي الحالة التي يكون فيها الدستور مكتوباً فيكون بجانب الدستور المكتوب عادةً عُرف دستوري . والقانون الدستوري يحتل أعلى درجة في النظام القانوني للدولة وهو لذلك يُطلق عليه اصطلاح القانون الأساسي . فهو الأساس الذي تُبني عليه القواعد القانونية العادية والفرعية . ويُلاحظ أن القانون الدستوري وإن كان يهتم بتنظيم السلطات العامة في الدولة إلا أنه يهتم أكثر بتنظيم السلطة التشريعية التي يتم عن طريقها إنشاء القواعد القانونية ولذلك إن البعض يطلق على القانون الدستوري اسم القانون البرلماني .
والجدير بالذكر أن قواعد القانون الدستوري تُثير مشكلة تتعلق بمدى فعالية الجزاء المقترن بها .
ثانياً :- القانون الإدراي
القانون الإداري فرع من فروع القانون العام ، ويتضمن القواعد التي تُنظم نشاط السلطة الإدارية في المجتمع ، والمسائل التي يحكمها القانون الإدراي شديدة الصلة بتلك التي يحكمها القانون الدستوري حتى أن التفرقة بينهما تبدو في بعض الأحيان صعبة أو مُصطنعة ، ويُمكن القول بصفة عامة أنه إذا كان القانون الدستوري يهتم أكثر بنشاط السلطة التشريعية فإن القانون الإداري يهتم أكثر بنشاط السلطة التنفيذية التي يُطلق عليها أحياناً اسم السلطة الإدارية . ويتضمن القانون الإدراي القواعد الخاصة بإنشاء وتنظيم سير المرافق العامة كمرفق التعليم والصحة والدفاع … ألخ .
ويتضمن القانون الإداري كذلك القواعد المتعلقة بالإدارة المحلية وهي القواعد المتعلقة بالأشخاص المعنوية الإقليمية كالمحافظات والمراكز والقُرى . ويتضمن القانون الإداري أيضاً القواعد المتعلقة بالأشخاص العامة الأخرى غير الإقليمية كالوزارات والهيئات العامة والمؤسسات العامة . ويُلاحظ أن المؤسسات العامة هي أشخاص عامة لا تتولى إدارة مرافق عامة بالمعني التقليدي لهذا الاصطلاح ولكنها تتولى إدارة نشاطات اقتصادية وتجارية وصناعية وزراعية تهدف من ورائها إلى الإسهام في خطة التنمية الاقتصادية للدولة وكذلك تحقيق الربح وهذه النشاطات كانت تتولاها من قبل مشروعات تجارية مملوكة ملكية خاصة وأصبحت تتولاها الآن في كثير من الدول مشروعات عامة مملوكة لشركات القطاع العام وهي الشركات التي تُشرف عليها المؤسسات العامة .
ويطلق البعض على قواعد القانون الإداري التي تتعلق بالمؤسسات العامة اصطلاح القانون الإداري الاقتصادي وهو فرع جديد أُضيف إلى القانون الإداري التقليدي . ومع ذلك فإن أساتذة القانون التجاري في مصر لا زالوا يدرسون نظام المؤسسات العامة ضمن موضوعات القانون التجاري ولا شك أن مسلكهم هذا يُبرر اعتبار القانون التجاري مع أو من الفروع المختلطة على النحو الذي سنراه . ويتضمن القانون الإداري القواعد الخاصة بالموظفين والعاملين في الحكومة والإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة ويتضمن القانون الإدراي كذلك القواعد الخاصة بالقضاء المختص بالنظر في المنازعات الإدارية ويتضمن القانون الإدراي أيضاً قواعد الإجراءات والمرافعات أمام القضاء المذكور .
ثالثاً :- القانون المالي
القانون المالي هو في حقيقته فرع من فروع القانون الإداري ، ولكن نظراً لأهميته وكثرة قواعده فقد استقل وأصبح فرعاً قائماً بذاته يندرج تحت القانون العام . والقانون المالي ينقسم إلى قسمين : الأول عام ويشمل القواعد العامة المتعلقة بالإدارة المالية للدولة وهي القواعد الخاصة بالميزانية والضرائب والدين العام ، ويلاحظ أن هذه القواعد تتصل بعلم الاقتصاد ذلك أن الحياة الاقتصادية في المجتمع تتأثر في السياسة المالية للدولة من حيث الزيادة أو الانكماش في الإنفاق العام أو القروض العامة الوطنية أو الأجنبية . أو زيادة الضرائب أو الإعفاء منها … ألخ ، ويطلق على هذه القواعد اصطلاح علم المالية أو اقتصاد التشريع المالي
أما القسم الثاني فهو قسم وضعي تطبيقي يتضمن الأحكام التفصيلية للضرائب المختلفة المباشرة منها وغير المباشرة وكذلك الرسوم الجمركية ورسوم التسجيل والدمغة وهذه التشريعات أصبحت تُكون في فرنسا تقنيناً جديداً هو التقنين الضريبي ولكنها لا زالت في مصر تشريعات مُـتفرقة وإن كانت تُشكل في مجموعها فرعاً مُستقلاً من الفروع القانونية ، هو القانون المالي أو القانون الضريبي . ورغم أن القانون الضريبي يُعتبر من فروع القانون العام إلا أن دراسة أحكامه تقتضي معرفة الكثير من قواعد القانون الخاص ، وعلى سبيل المثال فإن الأحكام الخاصة برسوم الدمغة والتسجيل تقتضي معرفة الأحكام الخاصة بالعقود والميراث والهبات والتصرفات الناقلة للملكية بصفة عامة وكذلك فإن الضرائب المفروضة على الشركات تقتضي العلم بالقواعد التجارية التي تُنظم هذه الشركات .
رابعاً :- قانون التأمينات الاجتماعية
قانون التأمينات الاجتماعية هو فرع جديد من فروع القانون ظهر لأول مرة في ألمانيا في عهد مُستشارها الشهير بسمارك سنة 1883 ، وانتقل منها بعد ذلك إلى الدول الأخرى ومنها مصر التي أدخلت هذا النظام لأول مرة بمقتضى القانون رقم 92 لسنة 1959 الذي أُلغي وحل محله القانون رقم 63 لسنة 1964 ثم القوانين رقم 79 – 1975 – 35 – 77 – 93 – 1980 ، ونظام التأمينات الاجتماعية هو نظام عمالي لا يستفيد منه بحسب الأصل سوى العمال الذين يُحددهم القانون . واستفادة العمال بهذا القانون ليست دون مقابل بل هي مقابل اشتراكهم لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية المُشرفة على تطبيق هذا القانون وقيامهم بدفع أقساط سنوية محسوبة بنسبة معينة من مرتب كل منهم وفي هذا يتفق نظام التأمينات الاجتماعية مع نُظم التأمين العادي والتجاري ولكن الفارق بينهما يظهر بصفة أساسية في أن التأمينات الاجتماعية لها صفة إلزامية فكل الأشخاص الذين ينطبق عليهم القانون يلتزمون بالتأمين من المخاطر التي تهددهم والتزامهم بدفع أقساط التأمين لا ينشأ عن عقد يبرمونه مع الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ولكنه ينشأ مباشرة عن القانون وكذلك فإن أصحاب الأعمال سيُسهمون مع العمال في دفع هذه الأقساط .
وتتمتع الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في تحصيل أقساط الاشتراك بكل مميزات السلطة العامة وأهمها الحجز الإداري المباشر ويكون للمبالغ المستحقة للهيئة امتياز المبالغ المستحقة للخزانة العامة . وكذلك ما أن ميزانية الهيئة تلحق بالميزانية العامة للدولة . وتعتبر أموال الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية من الأموال العامة وتُعفى أموال الهيئة الثابتة والمنقولة وجميع عملياتها الاستثمارية مهما كان نوعها من جميع أنواع الضرائب والرسوم والعوائد ويخضع موظفو الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لنفس النظام القانوني الخاص بموظفي الدولة وتوجد في مصر ستة أنواع من التأمينات الاجتماعية هي : التأمين ضد إصابات العمل والتأمين الصحي وتأمين البطالة وتأمين العجز وتأمين الشيخوخة وتأمين الوفاة وإذا تحقق للمُؤمن له أي خطر من المخاطر المُشار إليها ينشأ له حق مباشر من القوانين من مواجهة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية إما في الحصول على تعويض أو الحصول على معاش أو الحصول عليهما معاً .
ويتضح من كل ذلك أن العلاقات التي يُنظمها قانون التأمينات الاجتماعية تقوم دائماً بين الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية باعتبارها هيئة ذات سلطة عامة وبين الأفراد ولا شك أن القانون الذي يحكم مثل هذه العلاقات هو فرع من فروع القانون العام خاصة وأن هذا القانون لا يحكم أي علاقة أخرى لا تكون الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية طرف فيها .
ويلاحظ أن قانون التأمينات الاجتماعية إذا كان بحسب أصله لا ينطبق إلا على العمال فإنه من الممكن أن يتطور فيمتد إلى غيرهم من فئات الشعب بل يمكن أن يمتد إلى كل مواطن في الدولة . وفي هذا الحال الأخير فإنه يكف عن أن يكون قانوناً للتأمينات الاجتماعية ليصبح قانوناً للضمان الاجتماعي .
والتأمينات الاجتماعية هي خطوة في طريق الضمان الاجتماعي . والفارق بينهما أن التأمينات الاجتماعية تحمى العمال فقط بوصفهم هذا أما الضمان الاجتماعي فهو يحمى الإنسان بوصفه إنساناً وبغض النظر عن المكان الذي يشغله في المجتمع وبغض النظر عن إسهامه أو عدم إسهامه في تمويل النظام الذي يكفل له الحماية والأمان . ومن المشاهد أن المشرع المصري بدأ يخرج الآن عن النطاق المحدود للتأمينات الاجتماعية إلى مجال الحماية الشاملة للضمان الاجتماعي ومع ذلك فلا زال الأمل في الوصول إلى هذا الهدف بعيد المنال نظراً لحالة التخلف الاقتصادي التي تعاني منها البلاد
خامساً :- القانون الجنائي
ينقسم القانون الجنائي إلى قسمين الأول هو قانون العقوبات والثاني هو قانون الإجراءات الجنائية .
أولاً : قانون العقوبات :- فهو الذي يتضمن القواعد التي تحدد الأفعال التي يعتبرها القانون جرائم وتحدد العقوبات المنصوص عليها كجزاء عن ارتكاب هذه الأفعال وبحسب تدرج الجريمة في الخطورة تتدرج العقوبة في الشدة والجرائم من ثلاثة أنواع مختلفة أخطرها الجنايات وأبسطها المخالفات وبينهما الجُنح والعقوبات عن ارتكاب هذه الجرائم هي الغرامة أو الحبس أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الأشغال الشاقة المؤقتة أو الإعدام .
ومن أهم المبادئ المقررة في قانون العقوبات مبدأ أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وهو من أهم المبادئ الأساسية للقانون المنصوص عليها في مواثيق حقوق الإنسان وفي معظم الدساتير في الدول الحديثة ومؤدى هذا المبدأ أن الأصل في الأفعال الإباحة وأنه لا يُعاقب على ارتكاب فعل إلا بمقتضى نص تشريعي فليس للعرف في القوانين الحديثة أن يجرم الأفعال أو أن يقرر عقوبات على ارتكابها ومؤدى هذا المبدأ أيضاً أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون فقوانين العقوبات ليس لها أثر رجعي بالنسبة للأفعال التي ارتُكبت قبل نفاذها وعدم رجعية القوانين مُقررة بنص دستوري لا يجوز للقوانين العادية أن تُخالفه . ويذهب جانب من الفقه في فرنسا إلى اعتبار قانون العقوبات من فروع القانون المختلطة بدليل أن معظم الجرائم المعاقب عليها خاصة في وقت السلم هي جرائم مرتكبة ضد حقوق الأفراد الخاصة ويهدف قانون العقوبات إلى حماية هذه الحقوق وتحقيق الأمان لصاحبها وكذلك فإن المجني عليه يستطيع في بعض الجرائم تحريك الدعوى الجنائية وهي ما يُسمى بالدعوة المباشرة ولا يجوز في بعض الجرائم الأخرى تحريك الدعوى العمومية إلا بموافقة شخص معين بالذات كما يحق لهذا الشخص إعفاء مرتكب الجريمة من العقوبة التي صدرت ضده فعلاً كما هو الشأن في جريمة الزنا التي يرتكبها أحد الزوجين .
ومع ذلك فإن هذا الرأي وإن كان يتفق مع بعض القوانين القديمة مثل القانون الروماني الذي كان يفرق بين الجرائم الخاصة التي ترتكب ضد الأفراد والجرائم العامة التي ترتكب ضد الدولة فإنه لم يعد متفقاً مع القوانين الحديثة التي أصبحت تعتبر كل الجرائم عامة بمعني أنها موجهة ضد أمن المجتمع والنظام السائد فيه . وبالتالي فإن توقيع العقوبة عن ارتكابها مُتعلق بحق المجتمع كما وأن الدعوى الجنائية تباشرها النيابة العامة باعتبارها مُمثلة للمجتمع ويُطلق على هذه الدعوى اصطلاح الدعوى العمومية تعبيراً عن هذه الفكرة ذاتها أما الحالات النادرة التي تلعب فيها إدارة المجني عليه دوراً في تحريك الدعوى الجنائية أو عدم تحريكها أو الإعفاء من العقوبة المحكوم بها فهي حالات استثنائية وكما يقال فإن الاستثناء يؤكد القاعدة .
وفي الأغلبية الساحقة من الجرائم فإن رضاء المجني عليه بارتكاب الجريمة قبل وقوعها لا يعتبر سبباً من أسباب الإباحة كما أن تصالح المجني عليه مع مرتكب الجريمة بعد وقوعها لا يؤثر في واجب النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية وتعهدها أما المحاكم الجنائية ومتابعة تنفيذ المحكوم بها .
ثانياً : قانون الإجراءات الجنائية :- يتضمن قانون الإجراءات الجنائية والشكلية القواعد الواجب اتباعها منذ وقوع الجريمة إلى أن يتم تنفيذ الحكم الصادر فيها ويشمل ذلك القواعد المتعلقة بالتحقيق في الجريمة والجهة المختصة بإجرائه والحبس الاحتياطي للمتهم ومدته وكيفية الطعن فيه وتفتيش المتهم أو تفتيش منزله وكيفية إحالة المتهم إلى المحكمة الجنائية المختصة والإجراءات المتبعة في المحاكمة كسماع الشهود والخبراء والانتقال للمعاينة وسماع الدفاع والنيابة العامة . وكيفية صدور الحكم والنطق به والطعن به وطريق المعارضة أو الاستئناف أو النقض أو غير ذلك وكذلك كيفية تنفيذ الأحكام الجنائية النهائية وكذلك قواعد التقادم سواء الخاصة بالدعوى العمومية ذاتها أو الخاصة بالحكم الصادر فيها . ومن مجموع قواعد قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية يتكون القانون الجنائي باعتباره فرعاً من فروع القانون العام المتعلقة بحق السيادة في الدولة .
سادساً :- القانون الدولي العام
كما نعلم أن القانون ما هو إلا صباغة تنظيمية للحاجات والنشاطات الإنسانية تستوجب وضع أنظمة وقواعد تنظم السلوك الاجتماعي يُطلق على مجموعها تعبير القانون ، ونلاحظ أن النشاطات الإنسانية لا تقتصر على نشاطات الأفراد في داخل الدولة بل تتعداها إلى علاقات الدول فيما بينها ، وعليه فإنه يستلزم أن تكون هناك قواعد وأنظمة قانونية تُحدد حقوق وواجبات الدول في علاقاتها ببعض وتلك القواعد القانونية تُعرف باسم القانون الدولي العام .
هذا التعريف الضيق للقانون الدولي العام بأنه القانون الذي يحكم العلاقات بين الدول المستقلة نصت عليه المحكمة الدائمة للعدل في قضية اللوتس عام 1927 .
International law governs relations between independent states .
وكما قلنا سابقاً بأن القانون يعكس الحاجات والضرورات التي توجد في المجتمع فإن الضرورة والتطور الذي حدث في المجتمع الدولي أدى إلى وضع تعريف موسع للقانون الدولي العام بحيث يشمل المنظمات الدولية بجانب الدول المستقلة ، وعليه فإنه يمكن تعريف القانون الدولي العام بأنه مجموعة القواعد القانونية الدولية الاتفاقية والعرفية التي تحكم علاقات الدول فيما بينها والمنظمات الدولية أيضاً .
ولكن ما هي طبيعة القانون الدولي ؟ هل القانون الدولي العام قانون ؟
يُنكر بعض الفقهاء على القانون الدولي صفة القانون بعكس ما هي الحال بالنسبة للقانون الداخلي . ذلك لأن القانون الدولي أقل فاعلية من القانون الداخلي إذا نظرنا إليهما من زاوية المؤيدات فكثير من المخالفات التي يرتكبها أشخاص القانون الدولي لا يمكن توقيع الجزاء عليهم بسببها لتعارض الجزاء مع مبدأ السيادة ويستند الفقه في ذلك على أفكار فلسفية بعيدة عن طبيعة قواعد القانون الدولي والعلاقات التي يحكمها . لذلك فإن السؤال الذي يُثار الآن هو : هل القانون الدولي العام قانون ؟ في الرد على هذا التساؤل السابق ظهرت مدرستان :
يري أنصار المدرسة الأولى أن قواعد القانون الدولي ليست إلا قواعد أخلاقية ، وبالتالي فإن خرقها أو عدم اتباعها من قبل إحدى الدول يؤدى إلى إثارة حفيظة الضمير العالمي ولا تترتب عليه مسئولية قانونية . ويستند هؤلاء الفقهاء إلى فكرة أن القانون يستلزم أن يكون صادراً عن سلطة سياسية عُليا تُمكنها من تنفيذ هذه القواعد عند الحاجة بمعني أنه يجب أن تصدر عن سلطة تشريعية ويكون لها جزاء لأن الجزاء هو الذي يجعل من القانون حقيقة واقعة ، وطبقاً لهذه المدرسة فإن القانون الدولي ليس بقانون طالما أنه لا توجد سلطة سياسية عُليا فوق الدول يُمكنها أن تطبق قواعد القانون الدولي على الدول عند الالتزام بها وتوقيع الجزاء عليها كما هو الوضع في القانون الداخلي .
أما فقهاء المدرسة الثانية فإنهم يرون بأن قواعد القانون الدولي تتمتع بالصفة القانونية باعتبار أن المعاهدات تُقابل التشريع في القانون الداخلي وأن القرارات الصادرة عن الجمعية العامة تُعتبر مثل التشريع الصادر عن السلطة التشريعية ، ومع ذلك فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة ليس لها الصلاحية لإصدار قوانين ولا حتى قرارات مُلزمة إلا فيما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة . وفيما عدا ذلك فقراراتها غير مُلزمة قانوناً في رأي كثير من فقهاء القانون الدولي إلا أن هناك من يري أن تلك القرارات مُلزمة للدول الأعضاء في المنظمة الدولية .
فروع القانون الخاص
الفروع البارزة للقانون الخاص هي القانون المدني والقانون الزراعي والقانون التجاري البحري والقانون التجاري التقليدي .
أولاً :- القانون المدني
تُعتبر دراسة القانون المدني دعامة الدراسات القانونية كلها ذلك أنه ، أي القانون المدني يُعتبر في نفس الوقت صُلب القانون الخاص بل صُلب القانون عُموماً فهو أقدم القواعد القانونية التي عرفتها البشرية في صورتها الفردية الأولى ، وما كل فروع القانون الأخرى التي استقلت عنه فيما بعد والتي لحقتها أوصاف خاصة بها إلا " أفرع " نبتت من جذرة ثم ترعرعت ثم انفصلت ، ونظرة إلى التطور التاريخي نُزكي هذه الفكرة ونُؤكدها فالإنسان إذا اختلط بغيره من بني الإنسان كان في حاجة إلى قواعد تحكم هذه الصورة من الاختلاط البدائي . نحكم اختلاطه مع بني جنسه من الإناث في زواجه ثم بعد ذلك شعر بوجوب قيام سلطة تحميه فنبتت القواعد التي تُسمى بالقانون العام ثم ازداد نشاطه وتعدد وتعقد وحدثت بشأنه مُنازعات يجب حلها فنبتت قواعد تستوجب لكل هذه الظواهر وتعالجها فوجدت فروع القانون التجاري والبحري والمرافعات ثم بقية فروع القانون العام . ولم يقف التطور عند هذا الحد لأن التطور من جوهر الحياة فكلما بدت ظواهر جديدة طبقت عليها مجموعة من قواعد القانون المدني ثم انسلخت هذه المجموعة وتحورت وأصبحت فرعاً مُستقلاً كقانون العمل والتشريعات الصناعية والزراعية ، وما إلى ذلك . وعلاقة الأُبوة بين القانون المدني وغيره من بقية فروع القانون أخفت عليه خصيصة في منتهى الأهمية ألا وهي أنه يعتبر الشريعة العامة أو القانون الأصل بالنسبة لعلاقات الناس ، بمعنى أنه لو خضعت علاقة معينة لأحكام فرع من فروع القانون الأخرى وليكن القانون التجاري أو القانون الإداري مثلاً وكانت هذه الأحكام ناقصة أو غامضة فإنه يرجع في هذه الحالة إلى قواعد القانون المدني ليكمل النقص أو ليزيل الغموض ويعتبر القانون المدني الشريعة العامة بالنسبة للعلاقات القانونية في معنى أخر ذلك أنه كلما عرضت علاقة قانونية خاصة لم تكن معروفة من قبل فإن أول نطاق يتجه إليه الذهن ليبحث فيه عن حل لهذه العلاقة هو نطاق القانون المدني فالقانون المدني إذاً يتبنى العلاقات الجديدة لتزدهر في ظله ويكتمل تنظيمها ثم يحدث أن تتمرد هذه الظاهرة الجديدة على هذه الأُبوة وتستقل بقواعدها وتلك سُنة الحياة .
تعريف القانون المدني :- ولعل الأفكار المُتقدمة هي التي جعلت تعريف القانون المدني تعريف عن طريق الاستبعاد وليس تعريف بالمعني العلمي الدقيق وإذا نحن بدأنا من العهد الأول للقانون الروماني وجدنا القانون المدني كان يحوى القواعد التي تنطبق على علاقات المواطنين فقط أو الذين يتمتعون بصفة المواطن في مدينة روما وذلك بالمقابلة مع قواعد أخرى كانت تُسمى بقانون الشعوب وبعد أن تقرر إزالة التفرقة بين المواطن والأجنبي فيما يتعلق بنوع القاعدة التي تنطبق بمقتضى القانون الشهير الذي أصدره كراكلا في سنة 212 م ، والذي يُعرف باسمه بعد ذلك ، جمعت قواعد القانون المدني في الـ Corpus Juris Civilis وأخذ مدلوله في الاتساع حتى أصبح يُرادف القانون الخاص في العصور الوسطى وُعرف بمجموعة القواعد التي تُطبق على حياة الناس الخاصة وعلاقاتهم الفردية ، أما في الوقت الحاضر فقد ضاق مفهوم القانون المدني إذ – كما سبق من القول – انسلخت منه عدة قواعد مكونة مجموعات مُستقلة ولذلك اتجه الفقه إلى تعريفه بأنه : مجموعة القواعد الموضوعية التي تُنظم العلاقات الخاصة إلا ما يدخل منها في نطاق فرع أخر من فروع القانون الخاص ، ولكن إذا أردنا التحديد أكثر لهذا التعريف ، أمكن القول بأن القانون المدني هو مجموعة القواعد التي تتعلق بحياة الفرد باعتباره فراداً وعضواً في أُسرة بصرف النظر – بصفة عامة – عن أي اعتبار منهى أو انتمائه إلى مجموعة اجتماعية غير الأسرة .
ثانياً :- القانون التجاري التقليدي
القانون التجاري التقليدي يشمل القواعد التي تتعلق بالتجارة أو بالتجار والتجارة لها جو خاص يقتضي وجود قواعد خاصة لها متميزة عن قواعد القانون المدني والجو الخاص للتجارة يقوم أساساً على فكرة السرعة والثقة والسرعة في إبرام العمليات التجارية اقتضت وضع قواعد سهلة للإثبات في المواد التجارية يجوز بمقتضاها إثبات هذه العمليات بكافة طرق الإثبات دون اشتراط بالكتابة في كل نزاع تزيد قيمته على عشرين جنيها أو يكون غير محدد القيمة وكذلك فإن السرعة في المعاملات التجارية اقتضت الاستعانة بنوع مبالغ فيه من الشكلية كتلك المتعلقة بالأوراق التجارية " الكمبيالة والشيك " والشكلية هنا لا تؤدى إلى التعقيد بل على العكس توفر الكثير من الجهد الذي كان من الواجب بذله في إبرام العقود وفي تحريرها . ويقتصر القانون التجاري التقليدي على تنظيم العلاقات التجارية فلا تدخل في نطاقه العلاقات الزراعية أو العقارية أو الصناعية أو المهنية أو العلاقات بين العمال وأرباب الأعمال ومع ذلك فقد حدث تطور هائل في القانون التجاري في الوقت الحاضر جعله يمتد إلى ما يسمى بالمشروعات العامة وهي مشروعات القطاع العام التي تباشرها في مصر المؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها ولا شك أن القواعد التي تحكم المؤسسات العامة هي جزء من قواعد القانون الإداري وهو ما يطلق عليه اصطلاح القانون الإداري الاقتصادي .
فالقانون التجاري التقليدي هو وحده الذي يُعتبر من فروع القانون الخاص . وهكذا فإن القواعد التي تحكم المؤسسات العامة إذا أُلحقت بالقانون الإداري أُطلق عليها اسم القانون الإداري الاقتصادي ، وإذا أُلحقت بالقانون التجاري أُطلق عليها اصطلاح القانون التجاري العام .
ونظراً لأن أساتذة القانون التجاري في مصر يتمسكون بدراسة قواعد المؤسسات العامة ضمن برامج القانون التجاري فإنه تترتب على ذلك ضرورة القول بأن القانون التجاري المصري يتكون من جزئين ، أحدهما خاص وهو القانون التجاري التقليدي ، وثانيهما عام وهو قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام ومن هذين الجزئين يتكون القانون التجاري بالمعني الواسع أو بالمعني الجديد وهو فرع من فروع القانون المختلطة ومع ذلك فنحن نميل إلى اعتبار نظام المؤسسات العامة فرعاً من فروع القانون الإداري مع قصر القانون التجاري على المعني التقليدي لهذا الاصطلاح
ثالثاً :- القانون التجاري البحري
يلعب البحر دوراً هاماً في حياة الشعوب فهو إلى جانب كونه مصدراً هائلاً للمواد الأولية والثروات الحيوانية يشكل وسيلة هامة وحيوية للمواصلات تسهل انتقال البضائع والثروات والأشخاص وقد أصبحت التجارة الدولية في عصرنا الحاضر تلعب الدور الأهم في الحياة الاقتصادية العالمية ويأتي البحر ليساهم بقسط وفير في إنمائها وازدهارها . وبفضل هذا الدور الكبير الذي يلعبه البحر فقد نشأت بين الشعوب والأفراد علاقات حقوقية من نوع خاص متنوعة ومتشعبة استدعت وضع تنظيم حقوقي ناظم لها يتفق ومعطياتها ومشكلاتها وهو ما اضطلعت به الحقوق البحرية فالحقوق البحرية إذاً تضم القواعد الحقوقية المنظمة للعلاقات الحقوقية التي تنشأ في معرض استعمال واستثمار الأفراد والدول للبحر سواء كانت هذه العلاقات في حالة السلم أم في حالة الحرب وسواء كانت علاقات تتصل باستثمار موارده أم باستعماله وسيلة للاتصالات والمواصلات .
أقسام الحقوق البحرية :- جرى الفقه على تقسيم القواعد الحقوقية إلى قسمين رئيسيين هما الحقوق العامة وتتولى تنظيم الدولة وأجهزتها والعلاقات القائمة بينها وبين الأفراد والحقوق الخاصة وتنظم العلاقات بين الأفراد . والحقوق البحرية تقسم بدورها إلى قسمين رئيسيين أيضاً حقوق بحرية عامة وحقوق بحرية خاصة .
الحقوق البحرية العامة . تضم الحقوق البحرية العامة العلوم التالية :-
الحقوق الدولية العامة البحرية :- وتتولى تنظيم العلاقات التي تنشأ بين الدول في معرض استعمالها واستثمارها المشترك للبحر وأهم الموضوعات التي يبحثها هذا الفرع من الحقوق مشاكل المياه الإقليمية وحرية الملاحة في البحر وتنظيم الملاحة .
الحقوق الإدارية البحرية :- وتضم القواعد الحقوقية المنظمة للعلاقات التي تنشأ بين الدولة ورعاياها من المشتغلين بالأعمال التي لها صلة بالبحر فهي تبحث بشكل خاص بالمرافئ وتنظيمها واستثمارها وإدارتها ومشاكل الصحة فيها وبكل ما يتصل بتجهيز السفن وسلامتها وجنسيتها واكتساب الحقوق عليها والإشراف على صلاحها للملاحة . ومن جهة ثانية يهتم القانون الإداري البحري بتحديد المؤهلات التي يجب توفرها لدى كل فئة من العاملين على السفن وتبين التزاماتهم وحماية حقوقهم .
الحقوق الجزائية البحرية :- وتبحث في العقوبات التي تطبق على المخالفة لأنظمة المرافئ وللملاحة البحرية وكل ما يكفل حماية الأمن والنظام في المرافئ أو في السفن .
الحقوق البحرية الخاصة :- وتضم القواعد الحقوقية التي تنظم العلاقات البحرية التي تنشأ بين الأفراد وفي جانب من علاقاتهم مع الدولة ويضم هذا القسم الفروع التالية :-
الحقوق الدولية الخاصة البحرية :- وتنظم العلاقات الحقوقية بين الأفراد حين يكونون من جنسيات مختلفة وتفصل كذلك في مشاكل تنازع القوانين بين الدول المختلفة وتحدد القانون الواجب التطبيق . هذا وتحتل الدراسات الحقوقية الدولية البحرية الخاصة مكانة كبيرة في الحياة العملية وذلك نظراً لتنوع العلاقات الحقوقية التي تنشأ بين أشخاص من جنسيات مختلفة .
الحقوق التجارية البحرية :- وتضم القواعد الحقوقية التي تنظم التجارة البحرية وتدور كلها حول السفينة كعمارة بحرية والمشتغلين عليها وعقود استثمارها وطريقة رهنها وضمانها وضمان البضائع والمسافرين وغير ذلك من علاقات .
رابعاً :- القانون الزراعي
القانون الزراعي ظل إلى وقت قريب جزءاً لا يتجزأ من القانون المدني سواء من ناحية ملكية الأرض الزراعية أو استغلالها . ولكن حدث بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي في مصر وهو القانون رقم 178 لسنة 1952 أن توالت التشريعات التي تنظم الملكية الزراعية والمعاملات الزراعية على نحو يختلف كثيراً عن القواعد المقررة في القانون المدني وأصبحت هذه التشريعات في مجموعها تُكون فرعاً مُستقلاً من فروع القانون الخاص هو القانون الزراعي . وقد عُنيت كليات الحقوق أخيراً بتدريس القانون الزراعي بصفة مستقلة عن القانون المدني وبدأت تظهر في الفقه المصري مؤلفات تحمل اسم القانون الزراعي . ويشمل القانون الزراعي القواعد المتعلقة بالحد الأقصى للملكية الزراعية سواء ملكية الفرد أو ملكية الأسرة . والقواعد المتعلقة بالحد الأقصى لحيازة الفرد أو لحيازة الأسرة والقواعد المتعلقة بالحد من تجزئة الملكية الزراعية ، ويشمل كذلك القواعد المتعلقة بعدم جواز التنفيذ على الملكية الزراعية الصغيرة وحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وتخفيض الضرائب أو الإعفاء منها بالنسبة لصغار ملاك الأراضي الزراعية وحقوق العامل الزراعي ونظام الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة . ونظام التعاون الزراعي واستغلال الأرض الزراعية عن طريق تأجيرها بأجرة نقدية أو بطريق المُزارعة .
ويشمل القانون الزراعي كذلك القواعد المتعلقة باللجان القضائية المختصة بالفصل في المنازعات الناشئة عن تحديد الملكية . وغير ذلك من المسائل الأخرى المنصوص عليها في قانون الإصلاح الزراعي ويشمل كذلك القواعد المتعلقة بلجان الفصل في المنازعات الزراعية وهي اللجان المختصة بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن عقد إيجار الأرض الزراعية .
ويُلاحظ أن معظم قواعد القانون الزراعي قواعد آمرة تتعلق بالنظام العام ومع ذلك فإن القانون الزراعي يعتبر فرعاً من فروع القانون الخاص لأنه ينظم علاقات خاصة بين الأفراد وذلك فيما عدا بعض الأحكام القليلة كتلك المتعلقة بالضرائب الزراعية وبعض الأحكام الوقتية كتلك المتعلقة بالاستيلاء على الأراضي الزائدة عن الحد الأقصى والتي تُعتبر من قواعد القانون العام لأنها تُنظم علاقات تدخل فيها الدولة طرفاً باعتبارها صاحبة السيادة في المجتمع ولكن هذه القواعد القليلة أو الوقتية لا تؤثر في صفة القانون الزراعي الخاصة المستمدة من معظم قواعده .
بالإضافة إلى فروع القانون العام وفروع القانون الخاص توجد ( فروع القانون المختلطة ) وأبرز فروع القانون المختلطة هي قانون العمل وقانون المرافعات المدنية والتجارية والقانون الدولي الخاص ، وسوف أتحدث بإيجاز عن كل فرع من فروع القانون المختلطة :-
أولاً :- قانون العمل
قانون العمل هو وليد الثورة الصناعية وظهور طبقة عمال الصناعة الكادحين وكان التقنين المدني الفرنسي يطلق على عقد العمل اسم عقد إيجار الأشخاص على أساس أن العامل يؤجر نفسه كما تؤجر السلعة وكانت أجرة العامل يحددها قانون العرض والطلب . كما أن شروط عقد العمل الأخرى كانت تتحدد وفقاً لمبدأ سلطان الإرادة دون أي تدخل من جانب الدولة . وقانون العمل يتكون من قسمين الأول خاص بنظام العاملين في القطاع الخاص ، والثاني يتعلق بنظام العاملين في القطاع العام وبالجمع بينهما يعتبر قانون العمل من فروع القانون المختلطة والتي تجمع بين قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص …(*) .
ثانياً :- قانون المُرافعات المدنية والتجارية
يُطلق عليه اصطلاح القانون القضائي الخاص وهو القانون الذي يُنظم إجراءات التقاضي أمام المحاكم المدنية والتجارية وينظم كذلك ترتيب المحاكم واختصاصاتها .
وبالجمع بين القواعد التي تنظم إجراءات التقاضي وتلك التي تنظم السلطة القضائية يتكون قانون المرافعات بالمعني الواسع وهو فرع من فروع القانون المختلطة(*) .
ثالثاً :- القانون الدولي الخاص. (http://www.edunetcafe.com/index.php)
يتناول القانون الدولي الخاص بصفة أساسية ما يُسمى في الاصطلاح الجاري بالروابط القانونية حيال العنصر الأجنبي وينسب اصطلاح الروابط القانونية الذي أصبح اصطلاحاً راسخاً في الفقه القانوني إلى الأستاذ ( Savigny ) ويعرف سافيني الرابطة القانونية بأنها علاقة بين شخصين أو أكثر تحكمها قاعدة من قواعد القانون وهذه العلاقة تتحلل إلى ثلاثة عناصر الأول عنصر الأشخاص والثاني عنصر الموضوع أو المحل والثالث عنصر الواقعة المنشئة للعلاقة .
ويتناول القانون الدولي الخاص مصادر القانون الدولي الخاص وطبيعة القانون الدولي الخاص وعدة موضوعات تتعلق بالأشخاص والمعاهدات والعلاقات الخاصة .