المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وافدات الإلحاد في النظام التربوي



Tunisie Edunet
11-27-2012, 12:19 AM
وافدات الإلحاد في النظام التربوي


http://img267.imageshack.us/img267/5619/recherched.jpg

التربية كلمة عميقة ذات بعد ومغزى، على تربتها تنبت شجرة الحضارة وتورق وتثمر، كتب فيها الفلاسفة والمفكرون كثيرا، حتى خُصّص لها علم قائم بذاته يدعى: "علم التربية"، لا لشيء سوى لأهميتها وخطورتها الشّديدة، وما قدوم الرّسالة المحمدية وما سبقها من الرّسالات السّماويّة إلا لتضع لها الأسس، وتصحح المفاهيم وفق قوالب تربوية تصنع إنسانا آخر لفجر جديد.

لكل أمة أو دولة نظامها التربوي الخاصّ بها يسعى لتحقيق أهداف ورؤى، قد تكون واضحة معلنة أو مضمرة تخدم فكرا وأيديولوجية معيّنة، فالنظام التربوي كما يعرّفه العلماء هو مجموعة من القواعد والإجراءات التي تتّبعها دولة ما في تنظيم وتسيير شؤون التربية والتعليم من جميع الجوانب الفلسفية والفكرية والاجتماعية والسياسية، وقد يتأثر النظام التربوي بثلاث عوامل:
العامل الثقافي الحضاري.
العامل السياسي الإيديولوجي.
العامل الطبيعي.

كما أن النظام التربوي معرَّض لتيارات خارجية دخيلة تؤثر فيه سلبا، وهذا من خلال المقررات والمناهج الدراسية وكذا الإطار المشرف على العملية التربوية، ومن بين أهم وأخطر المؤثرات السلبيّة، الدّعوة إلى الإلحاد والكفر من خلال طرق قد تكون مباشرة أو غير مباشرة، ومن بين هذه الطّرق:

- تقليص الحجم الساعي للمواد التربوية (التربية الإسلامية)، إن لم نقل إلغاؤها أصلا من مقررات بعض المستويات الدراسية، خاصة التي توافق مرحلة المراهقة من عمر التلميذ.
- غياب القدوة والمُثل والقيم الخُلقية في سلوك الإطار التربوي.
- إسهام بعض المشرفين على العملية التربوية في غرس الفكر الإلحادي لدى الناشئة بأسلوب تلميحي، أو صريح.
- عدم وضوح الرؤيا والهدف في وضع الخطط والمناهج التربوية.
- التركيز على العلم ومبدأ المنفعة، على حساب الخلق والقيم العليا.
- الفصل بين العلوم التجريبية وما تحويه من دراسة بعض الظواهر الطبيعية والكونية، وبين العلوم الشرعية.
- عدم ربط ما يدرسه التلميذ من ظواهر كونية وطبيعية، بالخالق الموجد العظيم.
- الإيمان بالسبب في الظواهر الكونية، وتجاهل أو جهل خالق هاته الأسباب.
- تعزيز روح الانهزامية وزرع بذور اليأس والفشل في نفوس الناشئة والشّباب، من منطلق أنّ المسلم في هذا العالم خُلق ضعيفا متخلفا، ويعود ذلك إلى تديّنه والتزامه،
- ربط الدين بالتخلف الحضاري الذي يعيشه المسلمون.

ولا بأس أن نسرد قصّة قصيرة توضح ما ذكرناه، هي حادثة وقعت في مدرسة إحدى مناطق وطننا الحبيب، أين قالت معلّمة الصف الأول لتلاميذها وهم في فطرتهم وقمّة براءتهم، قالت لهم: "قبل أن نبدأ الدرس لي معكم لعبة جميلة، أغمضوا عيونكم ولا تفتحوها حتى آمركم بذلك"، أغمض الأطفال عيونهم .. فوضعت المعلمّة على طاولة كلّ واحد منهم قطعة حلوى، فقالت لهم: " إنّ الرّب المسيح(1) يحبّكم كثيرا، وقد أحضر لكم اليوم مفاجأة .. افتحوا عيونكم لتروها"، فتح الأطفال أعينهم، وقلوبهم تكاد تطير فرحا وسعادة من هذه المفاجأة السّارّة وغير المتوقّعة، ولسان حالهم يقول، كلّ الشّكر والتّقدير لهذا الرّب المسيح.. ولو أنّنا لم نره من قبل لنتعرّف عليه.

وفي اليوم الموالي طلبت المعلّمة نفس الطّلب بإغماض العين.. لكن هذه المّرة غيّرت من قواعد اللّعبة.. لم تضع قطع الحلوى كالمرّة السّابقة.. قالت لهم: "سنرى إن كان محمّدا(2) سيأتيكم بقطع الحلوى كما فعل الرّب المسيح.. الآن افتحوا عيونكم أحبّائي الصّغار.. !! "، تفاجأ الصّغار من عدم وجود قطع الحلوى.. أحزنهم الأمر كثيرا.. لأن محمدا لا يحبّهم.. لقد فضّلوا الرّب المسيح الطّيّب، على محمد..!!
هاته القصّة توضّح مدى خطورة الرّسائل التي قد يمرّرها المعلّم خدمة لأغراض وأهداف معيّنة، فتلامذته صفحات بيضاء قابلة لكل ما يكتب عليها.

وبعد كلّ هذا يبقى السّؤال الذي يُطرح، ما السّبيل إلى منع هاته الوافدات أو التقليل من حدّتها على الأقل؟ والسؤال الأهم كيف يمكن ذلك بأسلوب يتّسم بالحكمة والرّويّة؟

لعلّ أهمّ مانع لهاته الوافدات الأســرة وما عليها من مسؤوليّة تجاه ذلك، فهي المهد والحضن والعشّ الذي يحمي الفرد ويعطيه حصانة تجاه كلّ شاردة وواردة تسمّم فكره وتدنّس روحه، وهذا لا يكون إلاّ في حال قيامها بالدّور المنوط بها أحسن قيام، من تربية نفسية وروحية وعقلية، ويتعدّى ذلك إلى التّربية الجسمانيّة، وبعدها مباشرة يأتي دور المدرسة وهو بمثابة الحضن الثاني، أين يكون المعلم الحامل للرّسالة المقدّسة، فيوجّه ويربي ويعلّم، حيث يكمن دوره في جبر النّقص وتصحيح ما يجب تصحيحه وردّ كلّ ما هو دخيل، فيربط بين ما يعيشه التلميذ من ظواهر كونية وطبيعية بخالقها العظيم، وأن لا تعدوَ الأسباب إلا شكلا ظاهرا لما يراه الإنسان، وحقيقة الأمر كله تكمن في المسبّب الذي خلق هذه الأسباب، فهو المسيّر والمقدّر والعليم الخبير، فلا مجال للصّدفة هنا. وعلى المعلّم أن يكون القدوة والمثل الأعلى لتلاميذه في القسم وخارجه، يغرس في قلوبهم الإيمان والخلق الرّفيع.

. (http://edunetcafe.com/forumdisplay.php?f=22)إنّ ما يمنع وافدات الإلحاد على النظام التربوي يتطلب جهودا على كافة المستويات وفي شتى الدّوائر، وهذا لا يكون بنت اللّحظة وعملا مقتصرا على مرحلة معيّنة، وإنّما هو عمل دؤوب مستمر متواصل ومبنيّ على خطط مدروسة، ما دام الصراع بين الخير والشر، والسّجال بين الحق والباطل قائما، فهي سنّة الخالق في خلقه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هي معلمّة مسيحية تخفي ذلك، وكانت تقصد بالرّب المسيح، النبي عيسى عليه السّلام.
(2) تقصد النبي محمد صلى الله عليه وسلّم.

Edunet.tn
01-11-2019, 03:48 PM
وافدات الإلحاد في النظام التربوي
وافدات الإلحاد في النظام التربوي
وافدات الإلحاد في النظام التربوي