مثال التهيئة العمرانية في القانون التونسي


بحوث عامة في القانون التونسي

مثال التهيئة العمرانية في القانون التونسي

إشراق شبيل - أستاذة القانون بالمعهد العالي للدراسات القانونية والسياسية بالقيروان

وبغض النظر عن الاختلاف القائم بين النظام التونسي والنظام الفرنسي في مستوى التطور الذي شهده مثال
التهيئة العمرانية فإنه من السهل الوقوف على التقارب بينهما من حيث المضمون إذ آانت أمثلة أشغال الأرض
في فرنسا ومنذ البداية وثائق محلية تغطي في غالب الأحيان حدود البلدية وتضبط القواعد العامة والارتفاقات
المتعلقة باستعمال الأراضي والتي قد تتضمن بعضها منعا للبناء في المنطقة المعنية بالمثال. وهي أيضا وثيقة
أساسية للتعمير ولتخطيط التعمير البلدي أو حتى التعمير الذي يشمل بلديات عدة في آن واحد، وفي الأصل تعمد
لتنفيذ (carte communale) البلديات الصغرى في القانون الفرنسي إلى إعداد ما يسمى بالخرائط البلدية
خيارات التهيئة الخاصة بها غير أنه ونظرا لما تعانيه بعضها من ضغط عقاري وتحسبا لمقتضيات الرهانات
العمرانية تلجأ هذه البلديات إلى استخدام المثال المحلي للتعمير والذي ضبطت أهم أحكامه بمقتضى الفصل
123 وما يليه من مجلة التعمير لتكون هذه الوثيقة بمثابة أداة قانون عام للتعمير حيث يؤآد الفقه على أهميتها
العملية وما تترجمه من سيادة على تراب البلدية وهي أهمية لا ننكر مداها آذلك بالنسبة للقانون التونسي
باعتبار أن أمثلة التهيئة العمرانية هي الوسيلة العملية لاستعمال الأراضي عبر مختلف عمليات التعمير والتهيئة
والتقسيم والبناء فهي أآثر دقة وتحديد من الأمثلة التوجيهية على أساس أنها تتجاوز مجرد ضبط التوجهات
والاختيارات لتكون وسيلة تدخل عملي وأداة لتحديد إحكام التصرف في الأراضي وتكتسي صبغة ترتيبية مع
وتحديد مختلف القواعد واستعمال الأرض فهي إذن « Le principe de zonage » إقرار مبدأ التنطيق
وثائق تجسم بامتياز ما يعرف بالتعمير التنظيمي آما أشارت إلى ذلك الأستاذة آمال عويج مراد
وتمثل تقنية تدخل قصد إشغال وتخصيص واستعمال الفضاء (L’urbanisme de réglementation)
العمراني، ويتطابق مجال تطبيقها مع الدوائر البلدية لذلك وفي غالب الأحيان يتم تكييفها من قبل الفقه على أنها
تعبير عن شكل من أشكال السيادة تتمتع بها البلدية آجماعة عمومية محلية تباشرها بنفسها وتخولها التصرف
الحر على ترابها. وهي من حيث المضمون تحتوي على جملة من القواعد المتنوعة والشاملة، وهو ما يفسر
4
عمل السلط منذ القديم على إعداد أمثلة حاولت تغطية جل المناطق البلدية وتواصل هذا التطبيق بعد سنة 1979
ليصبح عدد البلديات المغطاة بأمثلة تهيئة عمرانية 223 من جملة 257 بلدية وتواصل بذل مجهودات آبيرة
. في هذا المجال أسفرت عن إصدار مصالح الدولة ل 240 مثال حتى سنة 1993
والجدير بالذآر أن أهمية مثال التهيئة العمرانية لم يعكسه فقط التطور الحاصل في مستوى الإجراءات المتعلقة
به أو النظام القانوني الخاص به آكل وإنما أيضا في الحرص على تجسيم هذا التطور وجعله واقعا مستمرا من
خلال مراجعة الأمثلة الواقع إعدادها وذلك مواآبة للتطورات بأشكالها سواء آانت اقتصادية أو اجتماعية أو
غيرها من جهة، ومراجعة أمثلة التهيئة العمرانية ل 120 بلدية وسحب عملية التخطيط العمراني على مناطق
غير بلدية من جهة أخرى ، وهوما يجعل هذا الصنف من الأمثلة المرجع الأول والمنتظم للتهيئة البلدية لتتأآد
نجاعتها على المستوى المحلي باعتبار أنها تمثل الأساس الذي يقع الاعتماد عليه عند اتخاذ القرارات المتعلقة
بالترخيص في التقسيم والبناء حيث يتعين تحديد تخصيص المناطق حسب الاستعمال الرئيسي أو حسب طبيعة
النشاطات السائدة وآذلك ضبط آثافة البناء وتخطيط الطرقات وتحديد مواقع التجهيزات.
و تبعا لذلك وبناء على ما سبق بيانه يجدر طرح التساؤل التالي:
ما هي خصوصية النظام القانوني لمثال التهيئة العمرانية في القانون التونسي ؟
إن استقراء مختلف الأحكام القانونية المنظمة لأمثلة التهيئة العمرانية في المجلة يؤدي بنا إلى الإقرار بتميز هذا
الصنف من الوثائق منذ اللحظة الأولى التي تتجه فيها النية إلى إعداده باعتبار أنه قد تم ضبط إجراءات متنوعة
في هذا المستوى تعكس تعدد مراحل هذا الإعداد والمصادقة (الجزء 1) آما أريد صراحة لمثال التهيئة
العمرانية سمة التنوع من حيث الآثار القانونية المترتبة عنه (الجزء 2) والتي بدورها ترمي إلى تمييز الإطار
البشري المشرف على عملية الإنجاز.
تعدد مراحل إعداد مثال التهيئة العمرانية والمصادقة عليه: – I
يخضع إعداد مثال التهيئة العمرانية والمصادقة عليه إلى مجموعة من الإجراءات والقواعد التي جاءت لتضبط
تدخلا لأطراف عدة في هذا المستوى إذ لم يقع اختزال هذه العملية في مرحلة واحدة فقط وإنها أقرت مجلة
1994 مبدأ توسيع قائمة المتدخلين المعنيين بعملية التهيئة (الفقرة 1) لكن مع الحرص على عدم المساس بدور
.( المرآز بالنسبة لبعض القرارات الحاسمة أي الحفاظ على دور الهياآل المرآزية (الفقرة 2
الفقرة الأولى: توسيع قائمة المتدخلين المعنيين بعملية التهيئة:
5
تأسيسا لمنطق التعدد والاختلاف وخاصة سياسة توزيع الأدوار عملت مجلة التهيئة الترابية والتعمير على
تدعيم مبدأ اللامرآزية ( 1) في مستوى إعداد مثال التهيئة العمرانية، هذا بالإضافة إلى تكريس فكرة التعمير
.( بالتشاور ( 2
1) تدعيم مبدأ اللامرآزية:
بالرجوع إلى الفصل 14 وما يليه من المجلة نجد أن مثال التهيئة العمرانية يمر بثلاث مراحل أساسية يمكن
تلخيصها في ما يلي : مرحلة تحديد المناطق التي تقتضي إعداد أو مراجعة مثالها، مرحلة الإعداد وأخيرا
مرحلة المصادقة،وبتأملها جميعها يلاحظ الوعي بأهمية تدخل الجماعات العمومية المحلية في عملية التخطيط
العمراني وهو وعي نتج عنه منح هذه الجماعات حق الاقتراح (أ) مع تحميلها مسؤولية آبرى عند الشروع في
عملية الإعداد (ب).
أ- حق الاقتراح :
مكن المشرع التونسي وبمقتضى الفصل 14 من المجلة الجماعات العمومية المحلية من إمكانية تقديم اقتراح
في إعداد مثال تهيئة عمرانية أو مراجعته سواء آانت هذه المراجعة آلية أو جزئية وبالتالي فكل بلدية أو ولاية
ترى ضرورة في ضبط قواعد وارتفاقات استعمال الأراضي بها وتحديد العناصر الضرورية لذلك، تتمتع بحق
الدعوة لاتخاذ ما يلزم في هذا المجال وذلك بعد أخذ رأي المصالح الجهوية ورأي آل من الوزارة المكلفة
بالفلاحة والوزارة المكلفة بالبيئة .
غير أنه وبمقتضى الفقرة 2 من نفس الفصل يتعين على الجماعة المحلية المعنية بالمثال والتي قامت بتقديم
الاقتراح أن تتولى تقديم تقرير "في مبررات الإعداد أو المراجعة..." بعبارة أخرى بيان الأسباب التي أدت بها
إلى هذا الاختيار وهو شرط يعمل من خلاله على تمكين الوزارة المختصة من الوقوف على المعطيات المتعلقة
بالمنطقة وخاصة التعرف على مقتضيات التهيئة العمرانية بها.
فإن آانت المبادرة بالنسبة للجماعة العمومية اختياريةوليس هناك ما يفيد الصبغة الإلزامية لإعداد المثال
فالتقرير في المقابل يبرز آإجراء إجباري يصاحب الاقتراح المتعلق بطلب تحديد المنطقة المعنية.
و في هذا السياق نشير إلى أن التشريع الفرنسي بدوره لا يتضمن هذا الإلزام بالنسبة للمبادرة بإعداد المثال أو
مراجعته حيث تبقي البلدية صاحبة القرار طبقا لقانون 1983 لكن تم ربط تدخلها وصلاحياتها في مجال
رخص البناء وبالتحديد تسليمها بوجود مثال تهيئة عمرانية مصادق عليه.
6
و يبدو هذا التقارب أو التشابه بين النظامين واقعا مبررا حسب الأستاذ صالح بوسطعة الذي يعتبره موقفا
مؤسسا من المشرع التونسي يمكن استكشاف مضمونه من خلال مقتضيات الفصل 27 من المجلة والذي أقر
تطبيق تراتيب عامة للتعمير في المناطق التي لا يشملها مثال تهيئة عمراني .ويتم بعد اتخاذ قرار التحديد تعليق
هذا الأخير بمقر الولاية أو بمقر البلدية المعنية حسب الحال. آما أنه لا يقع الاآتفاء بعملية التعليق وإنما يضاف
إليها إجراء آخر يتمثل في الإعلان عن القرار عن طريق وسائل الإعلام المسموعة والمكتوبة وذلك ضمانا
لعلم جميع المعنيين به واطلاعهم عليه،وفي هذا المستوى نشير إلى أن الفصل 14 قديم في فقرته 2 قد آان
يشترط تعليق قرار تحديد المنطقة المعنية بالمثال بمقر الولاية ولا يجيز هذه العملية بمقر البلدية إلا عند
الاقتضاء، لكن يبدو أنه قد تم التخلي عن هذا الاختيار بهدف توسيع مجال النشر بمقتضى قانون عدد 71 لسنة
2005 المنقح لمجلة 1994 والصادر بتاريخ 4 أوت 2005 .ويبقى الحرص على الإعلان عن مشروع مثال
التهيئة المزمع إعداده أو مراجعته مظهرا آخر من المظاهر التي تؤآد التقارب المشار إليه سابقا بين القانون
التونسي والقانون الفرنسي باعتبار أنه في فرنسا وبعد اتخاذ قرار في تحديد المنطقة التي سوف تخضع لمثال
التهيئة أو مراجعته وذلك من قبل السلط المختصة بالبلدية مثلا يقع إعلام الوالي به إلى جانب مجموعة من
المصالح والسلط آرئيس المجلس العام، رئيس المجلس الجهوي أو آذلك رئيس غرفة التجارة والصناعة
وغيرهم من المتدخلين في مجالات عدة ذات صلة وثيقة بالتهيئة الترابية والتعمير وبعد تأمين هذه العملية ينشر
قرار التحديد الذي يتخذه المجلس البلدي حسب الأحكام الجاري بها العمل.
و مهما يكن من أمر فإن هذا التمشي سواء تعلق الأمر بنظامنا أو بغيره من الأنظمة، يعكس بلا شك التغيير
الحاصل في سياسة الدولة التي وإلى جانب الاعتراف للجماعات العمومية المحلية يحق الاقتراح. قامت بتشريك
هذه الجماعات في الإنجاز الفعلي لمثال التهيئة العمرانية عبر تحميلها مسؤولية آبرى في الإعداد.
ب - مسؤولية الإعداد:
وفقا للفصل 16 من مجلة التهيئة: "تتولى الجماعة العمومية المحلية المعنية، بالاشتراك مع المصالح المختصة
ترابيا التابعة للوزارة المكلفة بالتعمير، إعداد مشاريع أمثلة التهيئة العمرانية ومراجعتها..." فتمت إذا لا مرآزة
الإعداد آتجديد ذو قيمة جوهرية بعد أن آان العكس هو المعمول به في الوضع السابق،وبدوره جاء القانون
الفرنسي المؤرخ في 7 جانفي 1983 ليسحب الاختصاص من المصالح المرآزية التابعة للدولة والتي قامت
بإعداد والمصادقة على ما آان يعرف قبل ذلك التاريخ بأمثلة إشغال الأرض فتم نقل المسؤولية في هذا المجال
لمصالح وأعضاء البلديات الذين يتعين عليهم إتباع الإجراءات القانونية اللازمة المنصوص عليها.
و عمليا يعني إعداد مشروع مثال التهيئة العمرانية قيام المختصين أو الخبراء التابعين للجماعة العمومية سواء
آانت بلدية أو ولاية بالشروع في الإعداد المادي للمشروع بمكوناته المشترطة قانونا، غير أنهوفي الكثير من
7
الأحيان عادة ما تلجأ البلدية أو الولاية إلى مكتب دراسات خاص تستعين به نظرا لتوفره على الإمكانيات
وخاصة الكفاءات الفنية والبشرية الضرورية لمثل هذه العملية وقد نص الفصل 13 من المجلة على أن الوثائق
المكونة لمثال التهيئة تضبط بقرار من الوزير المكلف بالتعمير لا بأمر آما آان سابقا في المجلة العمرانية لسنة
. 1979 في فصلها 17
و لقد صدر فعلا قرار عن وزير التجهيز والإسكان بتاريخ 3 أآتوبر 1995 ضبط مختلف الوثائق التي يتعين
توفيرها وبتأمل أحكام هذا القرار يمكن الإقرار بمحاولة جدية لتجميع عناصر آفيلة ببسط وضمان إنجاز أهداف
التهيئة العمرانية بالمنطقة والجزم في آن واحد بإلزامية توفير الوثائق المطلوبة مجتمعة إذ لا يمكن الحديث عن
وجود مشروع مثال تهيئة عمرانية في غياب إحدى هذه الوثائق وبالتالي عندما تتولى بلدية ما إعداد مشروع
المثال فبغض النظر عن الوسيلة المستعملة أو الأطراف المتدخلة فهي تلتزم بتوفير وثائق هذا المشروع آما
. اقتضاها القانون أي قرار 1995
و بالرجوع إلى هذا الأخير وبالتحديد الفصل 1 نجد أن المثال يتكون بالأساس من خريطة أو عدة خرائط معدة
1 عند الحاجة، تراتيب عمرانية هذا / 1وعلى خريطة معدة بسلم 10000 / 1و 1000 / بسلم يتراوح بين 5000
إلى جانب تقرير ومجموعة من الملحقات.
و للتعرف على محتوى الوثائق المذآورة يقع الاعتماد على الفصول الموالية إذ ينص الفصل 2 على أن التقرير
يحتوي وجوبا على آشف عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والديمغرافي الحالي للمنطقة المعنية وعرض
آفاق تطورها والأجزاء المزمع تعميرها مستقبلا آما يتضمن تحليلا مفصلا لتأثيرات تطبيق مثال التهيئة على
الخصوصيات الطبيعية والبيئية وآذلك التدابير الواجب اتخاذها للمحافظة عليها وإحيائها ومن أهم ما يحتويه
التقرير نجد بيان ملائمة خيارات النمو العمراني مع آفاق المثال التوجيهي للتهيئة وآذلك النصوص التشريعية
المتعلقة بالارتفاقات العمومية والتي تنظم استعمال المجال. هذا إلى جانب تحديد مساحات مختلف أصناف
المناطق وإبراز تطورها في حالة مراجعة مثال التهيئة مع اقتراح مختلف الوسائل الكفيلة بتطبيق المثال
وخاصة منها التي تساعد على التحكم الملائم في الحضارات.
و يتم في النظام الفرنسي أيضا فرض توفير هذه الوثيقة والتي تتضمن حسب النصوص الجاري بها العمل
تحليلا لوضع المنطقة، تشخيصا لها ومختلف مبررات وآثار مشروع مثال التهيئة العمرانية فهي بمثابة عرض
للأسباب هدفه تفسير وتوضيح الخيارات المتعلقة بالتهيئة وفرضت آذلك في أمثلة أشغال الأرض المعمول بها
سابقا.
8
و في هذا الإطار يولي التشريع الفرنسي أهمية قصوى للتنمية الشاملة على أساس أن التقرير لا بد أن يحدد
جملة الحاجيات الخاصة بالنمو الاقتصادي وتهيئة الفضاء وخاصة التوازن الاجتماعي في مجالات مثل السكن
والنقل والتجهيز والخدمات.
غير أن التقرير يبقى في النظامين مجرد وثيقة ليست لها أي قيمة ترتيبية بل هي مجرد أداة للإعلام بوضع
معين وبسطه خاصة للسلطة المكلفة باتخاذ القرار في شأنه دون أن يعني ذلك فقدانها لأهميتها العملية خاصة
في القانون الفرنسي إذ يتولى القاضي في آثير من الحالات ممارسة رقابة فعالة على المثال المحلي للتعمير
ونقصان أو عدم توفر التقرير يمكن أن يكون سببا آافيا يؤدي إلى إلغاء وثيقة التعمير هذه.
بالنسبة للخرائط وآوثيقة ثانية مكونة للمثال فدورها حسب أحكام الفصل 3 من قرار 1995 يتمثل في إبراز
عناصر عدة وهي : المناطق التي تطبق داخلها التراتيب العمرانية، حوزة الطرقات المزمع المحافظة عليها
وآذلك الحوزات المخصصة التي تخول التحويزات المستقبلية للطرقات الموجودة وإحداث طرقات جديدة
ومفترقات وطرقات فرعية أيضا تؤمن الخرائط تحديد الأماآن المخصصة للمنشآت العمومية والتجهيزات ذات
المصلحة العامة والبراحات والمساحات الخضراء، والمناطق الخاضعة للارتفاقات ذات المصلحة
العموميةوخاصة المتعلقة منها بالشبكات وبالملك العمومي للطرقات والملك العمومي البحري والملك العمومي
للمياه والمناطق غير القابلة للبناء لما في ذلك من مخاطر أو مضار وآذلك المناطق التي تحتوي على موارد
طبيعية يتعين المحافظة عليها، هذا إلى جانب الدوائر الخاضعة لنصوص ترتيبية منفردة أو خصوصية لا سيما
المواقع الثقافية والأثرية والمناطق المصانة والمجموعات التاريخية والتقليدية والمعالم التاريخية، وآذلك دوائر
التدخل أو التهذيب أو التجديد العمراني وبدوره يعتمد التشريع الفرنسي الخرائط والتي تقوم بتقسيم تراب البلدية
إلى منطقتين بالأساس: المناطق العمرانية من جهة وممثلة في أحياء مبنية أو قابلة للبناء،والمناطق الطبيعية من
جهة أخرى وهي تتفرع وفقا للنصوص الترتيبية إلى مناطق التعمير المستقبلي، مناطق تم تعميرها بالفعل،
مناطق فلاحية ومناطق محمية،وتتكون هذه المناطق الطبيعية من فضاءات غير مبنية تماما أو فضاءات غير
مبنية بالشكل المطلوب وتقتضي الحفاظ على صبغتها واتخاذ إجراءات خاصة ويضاف إلى التنطيق المشار
إليه، العمل بمجموعة من الارتفاقات وبالتحديد ارتفاقات المنفعة العامة .
و إلى جانب التقرير والخرائط تتولى التراتيب العمرانية طبقا للفصل 4 مهمة ضبط القواعد المشترآة بين آل
المناطق المحددة بمثال التهيئة العمرانية والقواعد الخاصة بكل منطقة وفق الإطار النموذجي الملحق بقرار
.1995
9
و تكتسي التراتيب العمرانية أهمية جوهرية بالنظر لها تضمنه لمثال التهيئة العمرانية من أبعاد في مستوى
التطبيق إذ يعمل بها القانون الفرنسي آوثيقة تضبط الأحكام الترتيبية المطبقة في آل منطقة من المناطق
المحددة بالخرائط وأخيرا ينص الفصل 5 من قرار وزير التجهيز والإسكان لسنة 1995 على أن الملحقات
تتضمن الوثائق التي تم استعمالها في تصور مثال التهيئة العمرانية وخاصة منها :
- أمثلة الشبكات الموجودة والمزمع إحداثها والمتعلقة بالماء الصالح للشراب والنور الكهربائي والغاز
والمواصلات والتطهير وغيرها.
- قائمة الارتفاقات المتعلقة بالملك العمومي للطرقات والملك العمومي البحري والملك العمومي للمياه والمواقع
الثقافية والمناطق المصانة والمعالم التاريخية وغيرها.
- قائمة القوانين الخصوصية المتعلقة بحماية الأراضي الفلاحية والتراث الأثري والتاريخي والفنون التقليدية
والبيئة والغابات والمياه وغيرها.
في حين أن الملحقات في فرنسا تكون وثيقة تحتوي على عدد معين من المعلومات والمعطيات تخص مثلا
ارتفاقات المنفعة العامة أو شبكات الماء الصالح للشراب والتطهير.
هذا وتشير إلى تميز القانون الفرنسي عن نظيره التونسي حيث يتكون المثال المحلي للتعمير وإلى جانب
الوثائق المذآورة المشترآة من وثيقتين إضافيتين وهما أولا مشروع التهيئة والتنمية المستديمة وهذه الوثيقة
تعد تجديدا مقارنة بالوضع السابق وتتميز بطابعها السياسي إذ تعبر عن مشاريع وسياسة الجماعة المحلية في ما
يخص التنمية الاقتصادية والاجتماعية، البيئة والتعمير على المدى الطويل.
ثم وثانيا التوجهات الخاصة للتهيئة آإضافة جاء بها قانون التضامن والتجديد العمراني آما نقح بقانون التعمير
. والإسكان لسنة 2003
و بتوفير الجماعة العمومية المحلية لمختلف الوثائق المفروضة قانونا تكون قد أمنت مشروع مثال التهيئة
العمرانية وهو مشروع أريد من خلاله تكريس فكرة التعمير بالتشاور.
2) تكريس فكرة التعمير بالتشاور:
لا تقتصر مرحلة إعداد مثال التهيئة العمرانية على مجرد تدخل الولاية أو البلدية المعنية وإنما يتجاوز الأمر
ذلك ليصل إلى تشريك العديد من الأطراف المتنوعة سواء آانت مؤسسات ومصالح مختصة (أ) في ميدان
التعمير أو آذلك العموم (ب).
أ- استشارة المؤسسات والمصالح المختصة:
بعد قيام الجماعة العمومية المحلية بإعداد مشروع المثال، تقع إحالة هذا الأخير إلى المؤسسات والمنشآت
العمومية المعنية وعلى المصالح الإدارية الجهوية وذلك بمقتضى الفقرة 2 من الفصل 16 من مجلة التهيئة
10
الترابية والتعمير وتتولى هذه الأطراف مهمة إبداء الرأي في المشروع آتابيا مع التعليل شريطة أن يتم ذلك في
مدة أقصاها شهرين من تاريخ اتصالها به، ويعتبر عدم الرد في هذا الأجل موافقة ضمنية من قبلها على
مشروع المثال وبتأمل الفصل المذآور قبل تنقيحه يستخلص عمل المشرع على الضغط على الآجال لتفادي
الإطالة والتعقيد في الإجراءات إذ آانت المدة المخصصة لإبداء الرأي 3 أشهر وقد تم الحط منها لتصبح
شهرين فقط.
غير أن هذه المحاولة قد تصطدم بمعوقات من صنف آخر هذه المرة مردها لفظة "المعنية"وآما أآد على ذلك
الأستاذ صالح بوسطعة قد تترك هذه العبارة "المجال واسعا للاستشارة دون قيد ميسر لكن ما يمكن أن ينتج
عنه التمطيط في الآجال الضرورية للاستشارة.
بالنسبة للقانون الفرنسي يقع اللجوء إلى جهات عديدة في حدود ما يضبطه النص ويملك رئيس البلدية في هذا
المجال سلطة تقديرية واسعة شأنه في ذلك شأن الوالي إذ بإمكانه إن رأى في ذلك فائدة استشارة أي هيكل أو
حتى جمعية مختصة في مادة التهيئة والتعمير أو آذلك البيئة والإسكان إلى غير ذلك من الميادين.
و إضافة إلى هذه الاستشارة الأولى يقع اللجوء إلى استشارة ثانية تتم وفقا للفقرتين الأولى والثانية من الفصل
17 حيث يحال مشروع المثال على المصالح الجهوية المعنية لإبداء الرأي فيها أو إدخال التعديلات التي تراها
حسب الحال في ظرف شهرين من تاريخ اتصالها بمشروع المثال هذا ويلعب المجلس البلدي أو الجهوي حسب
الحال دورا هاما في هذه العملية وبالتحديد بعد إعداد مشروع مثال التهيئة العمرانية أو مراجعته من قبل
الجماعة المحلية إذ هو الذي يتولى عبر رئيسه إحالة المشروع على مختلف المصالح المعنية.
آما أن المجلس البلدي أو الجهوي المعني هو الذي يقوم بالمداولة وذلك في أجل لا يتعدى الثلاثة أشهر وبعد
عرض مشروع المثال عليه مصحوبا برأي ومقترحات المصالح الإدارية والمؤسسات والمنشآت العمومية التي
. وقعت استشارتها وبرأي المصالح الجهوية المعنية في شأنها وفقا للفقرة 3 من الفصل 17
و مع مختلف هذه الآراء لا ننسى الملاحظات التي أبداها العموم بخصوص مشروع مثال التهيئة العمرانية
وذلك بعد أن تم ضبط عملية تشريكهم صراحة بمقتضى النص.
ب - تشريك العموم:





يتبع

منتدى القانون والقضاء
مع تحيات Edunet Cafe
http://www.edunetcafe.com