أنواع الحجج - محور من شواغل عالمنا المعاصر - تاسعة اساسي



أنواع الحجج - شواغل الإنسان في عالمنا المعاصر للسنة 9 من التعليم الاساسي تونس

الإعلام
حجة منطقية: تأثير الإعلام على الفرد على المستوى الذهني)
إن انغماسكم في العوالم الافتراضية واستغراقكم فيها باستهلاك كم مهول من الصور حتى ساعات متأخرة
من الليل لا بد أن يحرمكم من فرصة الانفراد بالذات. وإِنْ تَغِبْ تلك الفرصة، تَغِب القدرة على التفكير
والتحليل والتفكيك والنقد، وتنكمش ملكة الإبداع، ويحمل الذهن، وينحدر مستوى التذكر والذكاء. وبعد هذا
كله أمازلنا نستغرب أن يكون الفشل الدراسي أمرًا مقضيا ونتيجة منطقيّة لتلك الوسائل وما تمارسه من
قصف لعقولكم وتجفيف لينابع تفكيركم؟!

حجة مقارنة : تأثير الإعلام على الفرد على مستوى الصحة الجسدية)
ما لك لا تنتبه إلى الضرر الذي يُصيب أجسادكم بسبب تلك الوسائل؟ وما بالك لا ترى الفارق هائلا بين
تلميذ وآخر ؟ تلميذ هجر الواقع والواجب والجد والعمل واستسلم إلى الافتراضي حيث الاسترخاء
الجسدي والاستلقاء والقعود و الجمود والسكون فماذا عساه يجني غير قبْضِ ريح وجراح وعلل كأمراض
السمنة والعينين والظهر والسكّري وضغط الدم .. ما أبعد هذا عن تلميذ آخر حرّ ومسؤول لم يقع أسير
تلك الأدوات الجبارة فاجتهد في دراسته واستغل أوقات فراغه في تفتيق مواهبه وممارسة أنشطة ثقافية
ورياضية جعلته يُقبل على الحياة بهمة وعزم وشغف وحب واقتدار.

حجة واقعية: تأثير الإعلام على الفرد على المستوى النفسي)
إن الوقوع في براثن العوالم الافتراضية يقطع صلتكم بالواقع الفعلي ويُسبّب كلّ أعراض الإدمان من
شعور بالانكماش والانطواء والاكتئاب والملل والتوتر فتكون الشخصيّة ضعيفة مهزوزة غير قادرة على
بناء علاقات اجتماعية سوية فيحصل الصدام مع الآخر ويكثر الانفعال والانزعاج والغضب والشجار.
ولنا في واقعنا اللصيق أمثلة شتّى لفواجع وماسي لشبان أقدموا على الانتحار بسبب انغماسهم في ألعاب
مثل لعبة الحوت الأزرق .. و لماذا لا تعتبر من التجربة القاسية التي يعيشها ابن جارنا الشاب المسكين
" ياسر " – شفاه الله و نجاه - يكاد مستقبله الدراسي يضيع بعد أن أضطر إلى الانقطاع عن الدراسة دون
أي سبب وجيه سوى أزمة نفسية حادة ألمت به منذ أكثر من سنتين فلم يعد قادرا على مغادرة منزلهم وما
عاد يطيق مقابلة زملائه في الدراسة ويعلم الله وحده كم يُعاني والداه الأمرين في سبيل إنقاذ حياته بعد أن
عششت تلك الأجهزة الجهنمية في عقله وروحه وتملكته.

حجة منطقية: (تأثير الإعلام على الفرد على المستوى المادي)
لا شك أن تلك الشبكات العنكبوتية بأذرعها الأخطبوطية صارت تلاحق الفرد في كل أن ومكان وتَقْبَعُ في
أحضانه في جده ولهوه وحتى في مقرّات عمله وذلك بالضرورة سيُؤدّي إلى تراجع مدخوله بحكم تهاونه
وتقاعسه وانصرافه عن أداء واجباته المهنية. ومادام قد وقع بين حبائل إغرائها وإطلاق العنان لأهوائه
وغرائزه فسيُفرط حتما في استهلاك عشوائي لا يُبقي ولا يذر والنتيجة المنطقية هنا هي الإخلال
بميزانية الفرد والأسرة وتعرضهما لأزمات مالية لا تتوقف أبدًا

حجة مماثلة:
(1) أي بني إنّ الإنسان اليوم صار شديد الانغماس في عوالم الاتصال الحديثة إلى درجة الإدمان غير
مدرك أنها صارت تعصف بفكره الوهين فينساق فى تياراتها متوهما أنه حقق حرّيته ووجد السبيل للسعادة
فيغبطه من حوله مفتونين، منبهرين بما هو عليه إلى أن ينكشف له الواقع المرير و يدرك أنه وقع التغرير
به في تيار من الوهم ولكن هيهات فلن يجد نفسه إلا وحيدا بلا عائلة و لا أصدقاء ولا جذور ومثل هذا
الإنسان كمثل الريشة في مهب الرياح إذْ تُغادر جسمها و منبتها و محيطها البيئي وأصدقاءها ليحملها
النسيم العليل في أحضانه و يهدهدها فتتراءى لها من بعيد الحرية و السعادة غير مدركة أنها ليست قادرة
على التحكم بمسارها و لا بمصيرها وفي النهاية تسقط في غدير آسن أو وسط نباتات شوكية و تجد نفسها
منبتة وحيدة و لن يفيدها الندم و اللوم و العتاب بعد فوات الأوان





(2) أ مازلت لم تفقه بعد يا بني أنك الآن صرت شديد التعلق بوسائل الإعلام إلى درجة الإدمان وسلب
الإرادة متوهما أنّها ستنير حياتك وتُضيء دربك؟ ولكنها في الحقيقة ستجعلك وأمثالك من هذا الجيل
تائهين في عالم الخيال وأحلام السراب لا وجهة لكم ولا مسار ولا مال ولا آمال بل مجرد ذوات خاوية
عطشى بوجوه صفراء مكفهرة وعقول عجفاء محنطة وأيادٍ مهزومة مرتعشة بعد أن أضاعت السبيل
وفقدت بوصلة المصير وكذا الشأن لرجل تائه في الصحراء لا تؤنسه سوى شمس ساطعة تحرق بشرته
ورياح هوجاء تلفح وجهه فيسقط معفّرا وجهه في الرمال ثم ما يلبث أن ينهض عندما يتراءى له السراب
ماء زلالاً فيمضي نحوه تَحْدُوهُ أحلام النجاة ولكنّه كلما تعلّق بالسراب إلا وأوغل أكثر في صحراء التيه
والضياع إلى أن يغرق في رمالها المتحركة و يسقط صريع الأوهام الخُلْب.

(3) وسائل الإعلام يا بني أدوات جبارة تستعبد الإنسان، معتمدة كل سبل الإغواء والإغراء والإبهار
والإيهام عن طريق أضوائها الساطعة وألوانها الجذابة وبريقها الجميل للإيقاع بالمشاهد في شراكها حتى
ترديه جثة هامدة وقد استلت إرادته وشكلت فكره ورسمت ذوقه وسطرت سلوكه وقرّرت له مساره
ومصيره وكذا الشأن لتائه في الصحراء تلفحه رياح هو جاء عاتية مصحوبة برمال لماعة تعشي بصره
وتعطل بصيرته وبوصلته فتأخذه إلى حيث لا يدري، إلى المجهول. وفجأة وبعد أن اشتد به الظمأ
والصدى تتراءى له مياه عذبة ينقاد لها ويسير نحوها أملا في ارتواء لا يتحقق ولن يتحقق ولن يُدرك أنها
السراب الخُلْبُ إلا بعد فوات الأوان وقد أهدر طاقته وضيّع وجوده وصار الفناء قدره المحتوم.

حجة منطقية:
إدمان المخدّرات خطاب الأطروحة المدحوضة)
إن تُمعن النظر وتُحكّم العقل والمنطق، تُدرك هذه الحقيقة البديهية: فلو لم تكن لهذه اللفافات السحرية
هذه القدرة العجيبة على تهوين الضغوط على صاحبها، لما أقبل عليها السواد الأعظم من البشر وحتى
فئات عديدة من الطبقات الراقية كالأطباء والمحامين والقضاة وصفوة القوم من مسؤولين وسياسيين
ومشاهير الفن والمثقفين.

حجة مماثلة:
الإنسان اجتماعي بطبعه يحتاج إلى صديق وخلّ وفي يبته همومه ويقاسمه ظنونه وهواجسه فيأخذ بيده
حتى يُجرده من أثقال الحياة ويُصغرها في عينيه حتّى تتلاشى من أمام ناظريه. وما أشبه قراطيسي
العزيزة بذلك الصديق إنّها رفيقتي ومؤنستي لا تتخلى عني في الليالي السود ولا في الأيام البيض إذا
ألمت بي مُلمّة لَمْلَمتْ أوجاعي وبلسمت جراحي ورتقت تجاويفي وعجلت لي بالإسناد والدعم وكل
أسباب القوة والصمود أمام الشدائد.


حجة مقارنة:
شتان يا صدیقی بین ما كنتُ عليه من ضعف وهوان وما صرتُ عليه من جرأة وإقدام فقد كنتُ شخصًا
خجولاً سرعان ما أرتبك وأتلعثم في أي حوار أو نقاش خصوصًا مع الجنس اللطيف لكنني الآن بفضل
هذه المقويات، أحمد الله، أنني بت لا أهاب أي شخص ولو كان أعتى الناس وأرفعهم مقاما ومرتبة. فيها
أثبت ذاتي وتعمقت ثقتي بنفسي وأدركتُ في شخصيتي قوة ما عهدتها من قبل بل إنني ما استَقمتُ رجلاً
يفرض الاحترام على الآخرين إلا بفضلها.

حجة واقعية:
ألا ترى من حولك، في مجتمعنا، كيف فتحت عوالم المخدّرات لكثيرين فرص الحياة والجاه فاستَثْرَوْا
وحظوا بالاحترام والتقدير؟ يبدو أنك تجهل سرّ رفيق الدراسة "كيمو" وما آل إليه حاله اليوم بعد أن
انفتحت له ليلة القدر بفضل تلك العصا السحرية، لقد كوّن شبكة علاقات اجتماعية متطورة بوّأته منصب
الزعيم الذي يلهج لذكره الجميع ويسعى الكلّ إلى التقرّب منه وكيف لا وقد وجد بين يديه مغارة "علي
بابا" فحظي بثروة طائلة دون كلفة أو عناء، حققت له الأحلام والشهوات واللذائذ