حماية الطفولة محاضرة السيد محمد الحبيب الشريف
محاضرة السيد محمد الحبيب الشريف رئيس خلية حقوق الإنسان بوزارة العدل
الإطار القانوني لحقوق الطفل في تونس - مجلة حماية الطفل - من الأخذ بالقواعد الأمميّة إلى الإضافة النوعية
يلقى الطفل في تونس، سواء كان ذكرا أو أنثى، من الحقوق القانونية والرعاية الشاملة ما يمكن اعتباره رصيدا هامّا وأنموذجا متقدّما، يحظى بالاعتزاز في الداخل، وبالاحترام والتنويه في الخارج ( مثلا: موقف لجنة الأمم المتّحدة لحقوق الطفل عند تقديم تونس لتقريرها الأوّلي سنة 1995).
ولقد تحقّقت هذه المكانة المعتبرة للطفل التونسي بفضل تشريعات وآليات اجتماعية مختلفة تحقّقت قبل المصادقة على الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل، وبعدها. وهي تندرج في إطار منظومة حقوق الإنسان التي ما انفكت تتعزّز وتتطوّر لتشمل كل الأجيال والشرائح الاجتماعية دون تمييز ولا تهميش.
ولئن كانت مجلة حماية الطفل تشكّل جزءا معتبرا من حقوق الطفل قي تونس، فهي لا تمثل حقوق الطفل بأكملها، إذ نجد لهذه الحقوق نصيبا في دستور الجمهورية التونسية ومجلة الأحوال الشخصية ومجلة الالتزامات والعقود ومجلة الشغل ومجلة الجنسية والمجلة الجنائية ومجلة المرافعات المدنية والتجارية وقوانين خاصة متفرقة وعديدة من أهمها قانون الحالة المدنية والقانون المتعلق بالنظام التربوي...
إنّ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للمنتظم الأممي بالإجماع بموجب قرارها رقم 44/25 الصادر بتاريخ 20 نوفمبر 1989 الموافق للذكر الثلاثين لصدور "إعلان الأمم المتّحدة الخاص بحقوق الطفل" (20 نوفمبر 1959) قد دخلت حيز التنفيذ يوم 3 سبتمبر 1990 بعد ما صادقت عليها خلال وقت قياسي عشرون دولة، وهو العدد اللازم لبداية سريان مفعولها.
وكانت تونس بطبيعة الحال من الدول الأوائل في الوعي بأهمية اتفاقية حقوق الطفل حيث أمضت عليها في 26 فيفري 1990 وصادقت عليها بموجب قانون 29 نوفمبر 1991، ونشرتها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 84 الصادر في 10 ديسمبر 1991 (صفحة 1658).
ولم يكن هذا الموقف موقفا رسميا سياسيا أو شكليا بل كان منطلقا جديا لإنجاز عديد الإصلاحات القانونية والإجتماعية لعلّ أبرزها صدور مجلة حماية الطفل بتاريخ 9 نوفمبر 1995. وهي خامس مجلة من نوعها في العالم، بعد المجلات البلجيكية والكندية والسويدية والدانماركية.
حتوي مجلة حماية الطفل التونسية على 123 مادة أو فصلا، خصّص 19 منها للمبادئ العامّة (الفصول من 1 إلى 19) ووزّع البقيّة على العنوان الأوّل المتعلّق بحماية الطفل المهدّد (الفصول من 20 إلى 67)، وعلى العنوان الثاني المتعلّق بحماية الطفل الجانح (الفصول من 68 إلى 123).
وبالتأمّل في مواد اتفاقية حقوق الطفل ومقارنتها بفصول مجلة حماية الطفل يمكن أن نلاحظ بسهولة أوجه التلاقي والتشابه بينهما، ممّا يدلّ دلالة واضحة على تأثّر المجلة التونسية بمبادئ الاتفاقية الأممية. ولكن، مجلة حماية الطفل تميّزت في إطار تلك المبادئ باجتهادات وابتكارات أعطتها قيمة رائدة ووزنا حضاريا، وجعلتها مزجا ذكيا بين الأخذ والإضافة.
الأخـــذ بالقواعد الأممية
لقد تعهّدت الدول الأطرف في إتفاقية حقوق الطفل بنشر مبادئها وأحكامها على نطاق واسع بالوسائل الملائمة والفعالة بين الكبار والأطفال على السواء (المادة 42). ولذلك جاءت هذه الإتفاقية "أداة بيداغوجية" فعّالة موجّهة لمختلف الجهات المعنيّة بالطفولة، وأثمرت في تونس تشريعات وآليات وهياكل للرعاية والحماية، من أبرزها مجلة حماية الطفل التي تبنّت مبادئ الإتفاقية وجعلتها حجر الأساس لأحكامها ومحاورها.
أ - سنّ الطفولة:
لقد حدّدت الإتفاقية الأممية لحقوق الطفل سن الطفولة بثمانية عشر عاما حيث نصّت المادة الأولى منها على أنّه "لأغراض هذه الإتفاقية، يعني الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سنّ الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه". وهي نفس السنّ التي أخذت بها مجلة حماية الطفل بفصلها 3 الذي جاء فيه أن "المقصود بالطفل على معنى هذه المجلة، كل إنسان عمره أقلّ من ثمانية عشر عاما ما لم يبلغ سن الرشد بمقتضى أحكام خاصة".
والملاحظ في هذا الصدد أنّ سنّ الطفولة تتطابق في تونس مع سن الرشد الجزائي (الفصل 224 قديم من مجلة الإجراءات الجزائية) ولكنّها أقل من سنّ الرشد المدني وهي عشرون سنة حسب الفصل 7 من مجلة الإلتزامات والعقود والفصلين من مجلة الأحوال الشخصية.
كما تجدر الإشارة إلى أنّ القانون التونسي يعتمد الترشيد القانوني بالزواج منذ تنقيح 12 جويلية 1993 على شرط بلوغ 17 سنة وذلك فيما يتعلّق بالحالة الشخصية والشؤون المدنية والتجارية.
ب - الرعاية الشاملة:
تقتضي المادة الرابعة من الإتّفاقية الأمميّة أن "تتّخذ الدول الأطراف كل التدابير التشريعية والإدارية وغيره من التدابير الملائمة لإعمال الحقوق المعترف بها في هذه الإتفاقية، وفيما يتعلّق بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، تتّخذ الدول الأطراف هذه التدابير إلى أقصى حدود مواردها المتاحة، وحيثما يلزم، وفي إطار التعاون الدولي".
وهذه النظرة الشاملة والشمولية التي ترمي لحماية حقوق الطفل في كافة المجالات والظروف، قد أخذ بها المشرّع التونسي عند سنّ مجلة حماية الطفل حيث نصّ الفصل 2 منها على أنّه "تضمن هذه المجلة حق الطفل في التمتّع بمختلف التدابير الوقائية، ذات الصبغة الإجتماعية والتعليمية والصحية وبغيرها من الأحكام والإجراءات الرامية إلى حمايته من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو الإهمال أو التقصير التي تؤول إلى إساءة المعاملة أو الإستغلال".
والملاحظ أنّ مجلة حماية الطفل التي تنقسم إلى قسمين أحدهما يتعلّق بالحماية الإجتماعية وثانيهما يتعلّق بالحماية القضائية هي أولى أداة قانونية تعتمد الحماية الإجتماعية للطفل المهدّد في التشريع التونسي.
ت - مصلحة الطفل الفضلى:
جاء بالمادة 3 (1) من الإتفاقية الأممية أنّه "في جميع الإجراءات التي تتعلّق بالأطفال، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الإجتماعية العامّة أو الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية، يولى الإعتبار الأوّلى لمصالح الطفل الفضلى". كما هناك إعتماد لمعيار مصلحة الطفل الفضلى بالمواد 9 و18 و21 و37 من تلك الإتفاقية.
وقد أخذت مجلة حماية الطفل بمعيار مصلحة الطفل الفضلى بفصلها الأوّل(6) الذي يرمي إلى "تشريك الطفل بالطرق الملائمة في كلّ ما يعنيه وإحترام حقوقه وتعزيزها بإعتبار مصلحته الفضلى…".
وينص الفصل 4 من المجلة بأكثر وضوح على أنّه "يجب إعتبار مصلحة الطفل الفضلى في جميع الإجراءات التي تتّخذ في شأنه سواء من قبل المحاكم أو السلطات الإدارية أو مؤسسات الرعاية الإجتماعية العمومية أو الخاصة. ويراعى، علاوة على حاجيات الطفل الأدبية والعاطفية والبدنية، سنّه، وصحّته ووسطه العائلي، وغير ذلك من الحالات الخاصة بوضعه.
وتوجد إحالة على مصلحة الطفل الفضلى بالفصول 11 و14 و16 و58 و87 و116. والمقصود بمصلحة الطفل الفضلى أنّه إذا تسنّى الخيار بين وضعين مطابقين لمصلحة الطفل ولكن أحدهما أفضل من الآخر فإنّه يقع إعتماد الحل الأفضل تحقيقا للمصلحة الفضلى للطفل.
ج - أولوية العائلة:
ترتكز كل من الإتفاقية الأممية لحقوق الطفل ومجلة حماية الطفل على إعتبار أنّ الوسط العائلي للطفل هو وسطه الطبيعي الأمثل وأن مصلحة الطفل الفضلى تفرض أكثر ما يمكن أن يبقى الطفل في عائلته وعلى إتّصال دائم بوالديه وبقية أقاربه من إخوة وغيرهم.
فقد نصّت المادة 8 (1) من الإتفاقية أنّه "تتعهّد الدول الأطراف بإحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته، وإسمه، وصلاته العائلية، على النحو الذي يقرّه القانون، وذلك دون تدخّل غير شرعي".
وتوجد عديد المواد الأخرى التي تكرّس مبدأ أهمية العائلة بالنسبة للطفل أمّا مجلة حماية الطفل، فقد عبّرت صراحة على المبدإ المذكور بفصلها 7 الذي ينص على أنّه "في جميع الإجراءات التي يقع إقرارها تجاه الطفل، يجب أن يعطى الإعتبار للعمل الوقائي داخل العائلة حفاظا على دورها الأساسي وتأكيدا للمسؤولية التي يتحمّلها أبواه أو من يحلّ محلّهما في تربية الطفل وتعليمه وإحاطته بالرعاية اللازمة من أجل ضمان نموّه الطبيعي".
د - المسؤولية المشتركة للأبوين:
هذا الفصل 7 من مجلة حماية الطفل يكرّس قاعدة المسؤولية المشتركة لكلا الأبوين تجاه الطفل. وهو ما تؤكده الفصول 1 (5) و6 و8 و9 و11 و20 و27…
ويقابل مبدأ إلغاء التمييز في المسؤولية تجاه الطفل مبدأ إلغاء التمييز بين الأطفال على أساس الجنس، إذ الطفل ذكرا كان أنثى يتمتّع بنفس الحقوق. وتذكر المادة 3 (2) من الإتفاقية الأممية لحقوق الطفل حقوق وواجبات والدي الطفل، وكذلك المادة 5 التي تقتضي أن "تحترم الدول الأطراف مسؤوليات وحقوق وواجبات الوالدين…"، والمادة 14 التي تستعمل نفس الصياغة. أمّا المادة 18 (1) فقد جاءت أكثر وضوح وبيان لما نصّت على أنه "تبذل الدول الأطراف قصارى جهدها لضمان الإعتراف بالمبدإ القائل إن كلا الوالدين يتحمّلان مسؤولية مشتركة عن تربية الطفل ونموّه…".
هـ – حق الطفل في التعبير والمشاركة:
إن هذا الحق المؤكد للشخصية القانونية للطفل ضمنته المادة 12 من الإتفاقية الأممية لحقوق الطفل الذي جاء فيها:
"1- تكلف الدول الأطراف في هذه الإتفاقية للطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة حق التعبير عن تلك الأراء بحرية في جميع المسائل التي تمسّ الطفل، وتولي آراء الطفل الإعتبار الواجب وفقا لسن الطفل ونضجه.
2- ولهذا الغرض، تتاح للطفل بوجه خاص فرصة الإستماع إليه في أي إجراءات قضائية وإدارية تمسّ الطفل، إمّا مباشرة، أو من خلال ممثّل أو هيئة ملائمة، بطريقة تتّفق مع القواعد الإجرائية للقانون الوطني".
وتضيف المادة 13 بيانات ضافية عن مكوّنات هذا الحق حيث تنصّ على أنّه "1- يكون للطفل الحق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حرية طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقيّها وإذاعتها، دون أي إعتبار للحدود، سواء بالقول، أو الكتابة أو الطباعة أو الفن أو بأيّة وسيلة أخرى يختارها الطفل.
2- يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لبعض القيود، بشرط أن ينصّ القانون عليها وأن تكون لازمة لتأمين ما يلي:
أ - إحترام حقوق الغير أو سمعتهم،
ب - حماية الأمن الوطني أو النظام العام، أو الصحة العامّة أو الآداب العامّة".
ولقد أخذت مجلة حماية الطفل هذا الحق بالفصل 10 الذي ينصّ على أنّه "تكفل هذه المجلة للطفل حق التعبير عن آرائه بحرية وتؤخذ هذه الآراء بما تستحق من الإعتبار وفقا لسن الطفل ودرجة نضجه.
ولهذا الغرض تتاح للطفل بوجه خاص الفرصة للإفصاح عن آرائه وتشريكه في الإجراءات القضائية وفي التدابير الإجتماعية والتعليمية الخاصة بوضعه". كما يمضن الفصل 93 من نفس المجلة حق الطفل الجانح في سماعه قبل الحكم عليه.
و - حق الطفل في حياة خاصة:
تنصّ المادة 14 (1) من الإتفاقية على أنه "تحترم الدول الأطراف حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين…".
وحق الطفل في حياة خاصة يكلفه من حيث المبدأ الفصل 6 من مجلة حماية الطفل الذي ينصّ على أنّه "لكل طفل الحق في إحترام حياته الخاصة مع مراعاة حقوق ومسؤوليات أبويه أو من يحلّ محلّهما حسب القانون". وبالنسبة لحرية المعتقد يصل الفصل 19 من المجلة إلى حدّ منع "استغلال الطفل في مختلف أشكال الإجرام المنظّم بما في ذلك زرع أفكار التعصّب والكراهية فيه وتحريضه على القيام بأعمال العنف والترويج".
ز - الحق في معاملة خاصّة:
ترتكز الإتّفاقية على إعتبار "أن الطفل، بسبب عدم نضجه البدني والعقلي يحتاج إلى إجراءات وقائية ورعاية خاصة بما في ذلك حماية قانونية مناسبة قبل الولادة وبعده وذلك كما جاء في إعلان حقوق الطفل".
وهذا الإعتبار هو الذي تبنّته مجلة حماية الطفـل التونسيـة التي خصّت الطفل بإجراءات وتدابير ينفرد بها دون الكبار سواء كان مهدّدا أو جانحا.
ويندرج في هذا الإعتبار أجهزة الحماية الوقائية والإجتماعية والقضائية وكذلك الهياكل القضائية المتخصّصة التي تنظر في قضايا الطفل الجانح.
ولم تكتف مجلة حماية الطفل التونسية بنقل مواد إتفاقية حقوق الطفل وإنّما تصرّفت فيها وكيفتها مع واقع الطفل التونسي وقامت بإضافة نوعية مميّزة.
ثانيا: الإضافة النوعية
رغم تأثّرها الواضح بالإتفاقية الأممية لحقوق الطفل التي تعتبر من أهمّ مصادرها الموضوعية، حافظت مجلة حماية الطفل على كيانها الخاص، وبرزت خصائصها على مستوى الشكل وعلى مستوى المضمون.
فعلى مستوى المضمون تركّزت مجلة حماية الطفل على غاية الحماية ولم تشمل كلّ حقوق الطفل التي ضمنتها في تونس قوانين ومجلات متعدّدة من أهمّها مجلّة الأحوال الشخصية (الولاية والحضانة والنسب والنفقة والترشيد القانوني والقضائي والميراث..)، ومجلة الإلتزامات والعقود (الولاية في التعاقد والترشيد القضائي..)، ومجلة الشغل (حقوق الطفل في عقدي التدريب والشغل، علما وأن السن الدنيا للتشغيل هي 16 سنة)، ومجلة الجنسية التونسية، وقانون الحالة المدنية (الحق في الإسم واللقب..)..
كما حقّقت مجلة حماية الطفل درجة أرقى من الاتفاقية الأممية فيما يتعلّق بحماية الطفل من المشاركة في الحروب، حيث تكفل الاتفاقية (المادة 38) هذه الحماية إلى سنّ 15 سنة، بينما تمنع المجلة تشريك الطفل مطلقا في الحروب النزاعات المسلّحة (الفصل 18)، أي إلى سنّ 18 سنة.
ولقد تضمّنت مجلة حماية الطفل عدّة آليات خاصة ومتطوّرة، تجمع بين الحداثة والنجاعة، لم تقتضها الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل صراحة، وأهمّها بكل إختصار:
أ- واجب الإشعار:
إنّ واجب الإشعار من الإجراءات الجديدة الرامية إلى حماية الطفل، وإلى تحميل جميع مكوّنات المجتمع المدني مسؤولية ذلك. وهو إعلام قانوني وفوري بوجود حالة صعبة تهدّد صحّة الطفل وسلامته البدنية أو العقلية أو النفسية. كما أنّه واجب محمول على كلّ الأشخاص حتى الخاضعين عادة للسرّ المهني.
ويمكّن واجب الإشعار من حماية الطفل ومن الإذن بإجراء التتبّعات المدنية والجزائية ضدّ من تسبّب له في الحالة الصعبة أو ألحقوا به أضرارا.
ب- مندوب حماية الطفولة:
إنّ مندوب حماية الطفولة من الهياكل الاجتماعية العصرية التي أحدثت خدمة للطفولة.
وهو إطار متخصّص في مجال الطفولة تتمثّل مهامه خاصة في:
التدخّل الوقائي في جميع الحالات المهدّد فيها الطفل.
اتّخاذ تدابير اتفاقية مع أسر الأطفال.
اتّخاذ تدابير عاجلة في حالات التشرّد والإهمال المستلزمة للإيواء بالمؤسسات الخاصّة.
ج- قضاء خاصّ بالأطفال:
إنّ من أبرز ما جاءت به مجلة حماية الطفل هو الاعتراف بحق الطفل في قضاء خاص. ولذلك، يشترط في القضاة الذين يرجع لهم النظر بطريقة أو بأخرى في قضايا تخصّ الأطفال التخصّص والكفاءة، سواء كانوا قضاة من النيابة العمومية أو قضاة تحقيق أو قضاة دائرة الاتهام للأطفال أو قضاة الأسرة أو قضاة الأطفال أو قضاة محكمة الأطفال..
قاضي الأسرة وحماية الطفل المهدّد:
- هو قاض من الرتبة الثانية لا تقلّ تجربته عن عشرة أعوام.
- يتعهّد بوضعية الطفل المهدّد في سلامته البدنية أو المعنوية، ويشرف على نشاط مندوب حماية الطفولة التابع لمرجع نظره.
قاضي الأطفال وحماية الطفل الجانح:
- هو قاض من الرتبة الثانية لا تقلّ تجربته عن عشرة أعوام.
- ينتصب في كل محكمة ابتدائية ويختصّ بالنظر في المخالفات والجنح بمساعدة مستشارين مختصين في شؤون الطفولة.
محكمة الأطفال:
- تتعهّد بما كان سابقا من مشمولات محكمة الاستئناف.
- تنظر في التهم والجنايات الموجّهة من طرف دوائر الاتهام أو تنتصب كهيئة استئنافية لأحكام وقرارات قضاة الأطفال.
د- عدم التجريم:
يتمثّل هذا الإجراء القضائي الذي يمارسه أعضاء النيابة العمومية في استبعاد كلّ تهمة وإلغاء كلّ تتبّع في شأن الطفل، إذا كان الفعل المقترف من قبله بسيطا ويرجع عليه بالمضرّة أكثر من النفع.
وتندرج هذه السلطة المعترف بها من مجلة حماية الطفل لقضاة النيابة العمومية في عموم مبدأ ملاءمة التتبعات الجزائية المنصوص عليها بالفصل 30 من مجلة الإجراءات الجزائية الذي ينصّ على أنّ "وكيل الجمهورية يجتهد في تقرير مآل الشكايات والإعلامات التي يتلقّاها أو التي تنهى إليه".
هـ- التجنيح:
يتمثّل هذا الإجراء القضائي الذي يمارسه أعضاء النيابة العمومية أو قضاة المحكمة في تغيير وصف الفعلة المرتكبة من قبل الطفل بحيث يتمّ اعتبارها جنحة عوضا عن جناية، حتى يستفيد بالتخفيف التشريعي الناتج حتما عن ذلك.
و- المتابعة:
يتمثّل هذا الإجراء القضائي في زيارة قاضي الأطفال للطفل المودع بمركز إصلاح الأحداث للإطّلاع على وضعه وللوقوف على مدى تقبّله للتدابير المأذون بها في شأنه.
وهذا الإجراء يعتبر تمهيدا تشريعيا لإرساء خطة قاضي تنفيذ العقوبات بالنسبة لكل أصناف المحكوم عليهم.
ز- المراجعة:
يتمثّل هذا الإجراء القضائي في إعادة النظر من قبل قاضي الأطفال في ملف الطفل مرّة كل ستّة أشهر على أقصى تقدير، وتعديل التدبير المتّخذ في شأنه عند الاقتضاء بتدبير آخر يتماشى أكثر ومصلحته الفضلى.
س- التعديل:
هذا الإجراء القضائي هو عبارة عن قرار صادر عن قاضي الأطفال من شأنه أن يغيّر الوسيلة التربوية الإصلاحية المتّخذة في مغيب الطفل دون النظر مجدّدا في مبدأ الإدانة من عدمه.
ش- الوساطة:
يمثّل هذا الإجراء آلية تمكّن من إبرام صلح بين الطفل الجانح أو من يمثّله قانونا من جهة والمتضرّر أو من ينوبه وورثته من جهة أخرى.
وتهدف الوساطة إلى إيقاف مفعول التتبّعات الجزائية أو المحاكمة أو التنفيذ.
ويرفع مطالب الوساطة إلى مندوب حماية الطفولة من قبل الطفل الجانح أو من ينوبه.
وتتولّى الجهة القضائية المختصّة مراقبة بنود الصلح ومطابقتها للنظام العام والأخلاق الحميدة وتكسيها الصيغة التنفيذية.
ض- مندوب الحرية المحروسة:
هو مندوب قارّ أو متطوّع يمارس نظام ملاحظة الطفل في الوسط المفتوح.
وهو إطار متخصّص في مجال الطفولة تتمثّل مهامه خاصة في:
- السهر على مراقبة الطفل الجانح الموضوع تحت نظام الحرية المحروسة.
- الإحاطة بالطفل وتمكينه من الرعاية والعناية والحماية عند الاقتضاء.
ط- الإجازة:
هو إجراء إداري يتمثّل في تمتيع الطفل المتّخذ في شأنه تدبير قضائي بوضعه بمركز لإصلاح الأطفال بإجازة تسمح له بالعودة مؤقتا لوسطه العائلي، ثم الرجوع لمركز الإصلاح لتلقّي برنامج الإحاطة والتأهيل المخصّص له .
وخلاصة القول، فإنّ المشرّع التونسي بقدر ما استفاد في مجلة حماية الطفل بما أستقرّ عليه الضمير العالمي والتجارب الأجنبية، لم يكتف بدور المستهلك، بل اجتهد في إضافة اجتهادات أخرى تبرز خصائص التجربة التونسية في مجال الطفولة.
مع تحيات Edunet Cafe
مكتبة Edunet Cafe
http://www.edunetcafe.com/index.php